أحد : ويقال : إذا كان العبد قاعدا فواحد عن يمينه يكتب خيراته ، وواحد على يساره يكتب معاصيه ، وإذا قام فواحد عند رأسه وواحد عند قدمه ، وإذا كان ماشيا فواحد قائم بين يديه وآخر خلفه.
ويقال : هما اثنان بالليل لكلّ واحد ، واثنان بالنهار.
ويقال : بل الذي يكتب الخيرات اليوم يكون غيره غدا ، وأمّا الذي يكتب الشر والمعصية بالأمس فإنه يكون كاتبا للطاعة غدا حتى يشهد طاعتك.
ويقال : بل الذي يكتب المعصية اثنان ؛ كل يوم اثنان آخران وكل ليلة اثنان آخران لئلا يعلم من مساويك إلا القليل منها ، ويكون علم المعاصي متفرقا فيهم (١).
قوله جل ذكره : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩))
إذا أشرفت النّفس على الخروج من الدنيا فأحوالهم مختلفة ؛ فمنهم من يزداد في ذلك الوقت خوفه ولا يتبيّن إلا عند ذهاب الروح حاله. ومنهم من يكاشف قبل خروجه فيسكن روعه ، ويحفظ عليه عقله (٢) ، ويتم له حضوره وتمييزه ، فيسلم الرّوح على مهل من غير استكراه ولا عبوس .. ومنهم ، ومنهم .. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إن متّ ـ والهوى حشو قلبى ـ |
|
فبداء الهوى يموت الكرام |
ثم قال جل ذكره : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١))
سائق يسوقها إمّا إلى الجنة أو إلى النار ، وشهيد يشهد عليها بما فعلت من الخير والشرّ.
__________________
(١) واضح من ذلك مقدار ما يبعثه الصوفية في نفوس العصاة من تفاؤل ورجاء أملا في فتح باب التوبة
(٢) سقطت (عقله) من النسخة م ، وموجودة في ص.