العبيد مع الحقّ مختلف : فقوم يخاطبونه بلسانهم ، وقوم بأنفاسهم ، وقوم بدموعهم :
دموع الفتى عمّا يحسّ تترجم |
|
وأشواقه تبدين ما هو يكتم |
وقوم بأنينهم وحنينهم :
قل لى بألسنة التنفّس كيف أنت وكيف حالك؟
قوله جل ذكره : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥))
يعنى يجرى أمرهما على حدّ معلوم من الحساب في زيادة الليل والنهار ، وزيادة القمر ونقصانه ، وتعرف بجريانهما الشهور والأيام والسنون والأعوام. وكذلك لهما حساب إذا انتهى ذلك الأجل .. فالشمس تكوّر والقمر ينكدر.
وكذلك لشمس (١) المعارف وأقمار العلوم ـ فى طلوعها في أوج (٢) القلوب والأسرار ـ فى حكمة الله حساب معلوم ، يجريها على ما سبق به الحكم.
قوله جل ذكره : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦))
ويقال : النجم من الأشجار : ما ليس له ساق (٣) ، والشجر : ماله ساق.
ويقال : النجوم الطالعة والأشجار الثابتة (يَسْجُدانِ) سجود دلالة على إثبات الصانع بنعت استحقاقه للجلال.
قوله جل ذكره : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧))
سمك السماء وأعلاها ، وعلى وصف الإتقان والإحكام بناها ، والنجوم فيها أجراها ، وبثّ فيها كواكبها ، وحفظ عن الاختلال مناكبها ، وأثبت على ما شاء مشارقها ومغاربها .. وخلق الميزان بين الناس ليعتبروا الإنصاف في المعاملات بينهم.
ويقال : الميزان العدل.
(أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨))
__________________
(١) هكذا بالمفرد في م وهي في ص بالجمع (شموس) ونرجح أنها بالمفرد حسبما نعرف من أسلوب القشيري فشمس الحقائق واحدة إذا طلعت غطّى نورها أقمار العلوم.
(٢) هكذا في ص وهي أصوب مما جاء في م (روح) فلا معنى لهاهنا.
(٣) لأنه ينجم عن الأرض بلا ساق مثل البقول (النسفي ح ٤ ص ٢٠٧).