قوله جل ذكره : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨))
(الْمَشْرِقَيْنِ) : مشرق الصيف ومشرق الشتاء وكذلك مغربيهما.
ووجه النعمة في ذلك جريانهما على ترتيب واحد حتى يكمل انتفاع الخلق بهما.
ويقال : مشرق القلب ومغربه ، وشوارق القلب وغواربه إنما هي الأنوار والبصائر التي جرى ذكر بعضها فيما مضى.
قوله جل ذكره : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠))
(بَرْزَخٌ) أي حاجز بقدرته لئلا يغلب أحدهما الآخر ، أراد به البحر العذب والبحر الملح. ويقال : لا يبغيان على الناس ولا يغرقانهم.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢))
اللؤلؤ : كبار الدرّ ، والمرجان : صغار الدّرّ. ويقال : المرجان النّسل.
وفي الإشارة : خلق في القلوب بحرين : بحر الخوف وبحر الرجاء. ويقال القبض والبسط وقيل الهيبة (١) والأنس. يخرج منها اللؤلؤ والجواهر وهي الأحوال الصافية واللطائف المتوالية.
ويقال : البحران. إشارة إلى النفس والقلب ، فالقلب هو البحر العذب والنفس هي البحر الملح. فمن بحر القلب كلّ جوهر ثمين ، وكلّ حالة لطيفة .. ومن النفس كل خلق ذميم (٢). والدرّ من أحد البحرين يخرج ، ومن الثاني لا يكون إلا التمساح مما لا قدر له من سواكن القلب. (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) : يصون الحقّ هذا عن هذا ، فلا يبغى هذا على هذا.
قوله جل ذكره : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤))
«الجوارى» : واحدها جارية ، وهي السفينة.
__________________
(١) هكذا في م وهي الصواب أمّا في ص فهى (الهيبط) وهي خطأ في النسخ.
(٢) النفس عند الصوفية محلّ المملولات والقلب محل المحمودات.