ومن كان الغالب على قلبه اسمه (الْآخِرُ) كانت فكرته فى : بماذا يختم له حاله؟ وإلام يصير ما له؟ أعلى التوحيد يخرج من دنياه أو ـ والعياذ بالله ـ فى النار غدا ـ مثواه؟
ومن كان الغالب على قلبه اسمه (الظَّاهِرُ) فاشتغاله بشكر ما يجرى في الحال من توفيق الإحسان وتحقيق الإيمان وجميل الكفاية وحسن الرعاية.
ومن كان الغالب على قلبه اسمه (الْباطِنُ) كانت فكرته في استبهام أمره عليه فيتعثّر ولا يدرى .. أفضل ما يعامله به ربّه أم مكر ما يستدرجه به ربّه؟
ويقال : (الْأَوَّلُ) علم ما يفعله عباده ولم يمنعه علمه من تعريفهم ، (وَالْآخِرُ) رأى ما عملوا ولم يمنعه ذلك من غفرانهم (وَالظَّاهِرُ) ليس يخفى عليه شىء من شأنهم ، وليس يدع شيئا من إحسانهم (وَالْباطِنُ) يعلم ما ليس لهم به علم من خسرانهم ونقصانهم فيدفع (١) عنهم فنون محنهم وأحزانهم.
قوله جل ذكره :(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ)
مضى الكلام في ذلك.
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ منها)
أي ما يدخل فيها من القطر ، والكنوز ، والبذور ، والأموات الذين يدفنون فيها ، (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من النبات وانفجار العيون وما يستخرج من المعادن.
(وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ).
من المطر والأرزاق. أو ما يأتى به الملائكة من القضاء والوحى.
(وَما يَعْرُجُ فِيها).
أي وما يصعد إليها من الملائكة ، وطاعات العباد ، ودعوات الخلق ، وصحف المكلّفين ، وأرواح المؤمنين.
__________________
(١) هنا إشارة لنعم الدفع أو المنع التي لا يفطن إليها الناس.