مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (١٦))
ألم يحن للذين آمنوا أن تتواضع قلوبهم وتلين لذكر الله وللقرآن وما فيه من العبر؟ وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل؟ وأراد بهم اليهود ، وكثير من اليهود فاسقون كافرون.
وأراد بطول الأمد الفترة التي كانت بين موسى ونبيّنا صلىاللهعليهوسلم ، وفي الخبر : أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصابتهم ملالة فقالوا : لو حدّثتنا.
فأنزل الله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ...) فبعد مدّة قالوا :
لو قصصت علينا!
فأنزل الله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ...) فبعد مدة قالوا : لو ذكّرتنا ووعظتنا!
فأنزل الله تعالى هذه السورة.
وفي هذه الآية ما يشبه الاستبطاء.
وإن قسوة القلب تحصل من اتباع الشهوة ، والشهوة والصفوة لا تجتمعان ؛ فإذا حصلت الشهوة رحلت الصفوة. وموجب القسوة هو انحراف القلب عن مراقبة الربّ. ويقال : موجب القسوة أوّله خطرة فإن لمّ تتدارك صارت فكرة وإن لّم تتدارك صارت عزيمة ، فإن لم تتدارك جرت المخالفة ، فإن لم تتدارك بالتلافى صارت قسوة وبعدئذ تصير طبعا ورينا (١)
قوله جل ذكره : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧))
يحيى الأرض بعد موتها بإنزال المطر عليها وإخراج النّبت منها.
__________________
(١) ران الثوب ؛ رينا أي تطبع وتدنّس ، ورانت النفس أي خبثت وغشت. (الوسيط).