تكبّر فرعون بغير حقّ فأقماه بحقّ ، وتجبّر بغير استحقاق فأذلّه الله باستحقاق واستيجاب ، وجعل أهلها شيعا يذبّح أبناءهم (١) بعد ما استضعفهم ، ويستحى نساءهم ، وأفنى منهم من كان (...) (٢) ، وبالفساد حكم فيهم ، والله لم يرض بترك إتلافهم.
قوله جل ذكره : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (٦))
نريد أن نمنّ على المستضعفين بالخلاص من أيديهم ، وأن نجعلهم أئمة ، بهم يهتدى الخلق ، ومنهم يتعلم الناس سلوك طريق الصدق ، ونبارك في أعمارهم ، فيصيرون وارثين لأعمار من يناويهم ، وتصير إليهم مساكنهم ومنازلهم ؛ فهم هداة وأعلام ، وسادة وقادة ؛ بهم يقتدى وبنورهم يهتدى.
(وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) : نزيل عنهم الخوف ، ونرزقهم البسطة والاقتدار ، ونمد لهم فى الأجل. ونرى فرعون وهامان وقومهما ما كانوا يحذرون من زوال ملكهم على أيديهم ؛ وأنّ الحقّ يعطى ـ وإن كان عند الخلق أنّه يبطى.
قوله جل ذكره : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧))
__________________
(١) كان سبب سلوكه هذا السبيل مع بنى إسرائيل أن الكهنة قالوا له ان مولودا يولد في بنى إسرائيل يذهب ملكك على يديه ، أو قال له المنجمون ذلك ، أو رأى رؤيا فعبرت كذلك. قال الزجاج : العجب من حمقه لم يدر أن الكاهن إن صدق فالقتل لا ينفع ، وإن كذب فلا معنى للقتل.
(٢) مشتبهة.