الأخلاق ونقاوة الرجال ـ ولقد قال تعالى : (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) (١).
قوله جل ذكره : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ)
من وافق مغضوبا عليه أشرك نفسه في استحقاق غضب من هو الغضبان ؛ فمن تولّ مغضوبا عليه من قبل الله استوجب غضب الله وكفى بذلك هوانا وخسرانا.
(وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)
هذا وصف للمنافقين
(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) أي وقاية وسترا ؛ ومن استتر بجنّة طاعته لتسلم له دنياه فإنّ سهام التقدير من ورائه تكشفه من حيث لا يشعر .. فلا دينه يبقى ، ولا دنياه تسلم ، ولقد قال تعالى : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) (٢).
قوله جل ذكره : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨))
عقوبتهم الكبرى ظنّهم أنّ ما عملوا مع الخلق يتمشّى أيضا في معاملة الحقّ ، ففرط الأجنبية وغاية الجهل أكبّتهم على مناخرهم في وهدة ندمهم.
__________________
(١) آية ٣٧ سورة محمد.
(٢) آية ١٠ سورة آل عمران.