لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١))
يريد بهم منافقى المدينة ؛ ظاهروا بنى النضير وقريظة ، وعاهدوهم على الموافقة بكلّ وجه ، فأخبر الله ـ سبحانه ـ أنهم ليسوا كما قالوا وعاهدوا عليه ، وأخبر أنّهم لا يتناصرون ، وأنّهم يتخاذلون ، ولئن ساعدوهم في بعض الحروب فإنهم يتخاذلون إن رأوهم ينهزمون أمام من يجاهدونهم.
قوله جل ذكره : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣))
أخبر ـ سبحانه ـ أن المسلمين أشدّ رهبة في صدورهم من الله (١) ، وذلك لقلّة يقينهم ، وإعراض قلوبهم عن الله.
قوله جل ذكره : (لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ)
أخبر أنهم لا يجسرون على مقاتلة المسلمين إلّا مخاتلة ، أو من وراء جدران. وإنما يشتدّ بأسهم فيما بينهم ، أي إذا حارب بعضهم بعضا ، فأمّا معكم ... فلا.
(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ).
اجتماع النفوس ـ مع تنافر القلوب واختلافها ـ أصل كلّ فساد ، وموجب كلّ تخاذل ، ومقتضى تجاسر العدوّ.
__________________
(١) والمعنى أنهم بنفاقهم يقولون : نحن نخاف الله ، ولكنهم في الحقيقة يخافون منكم خوفا أشدّ من خوفهم من الله ، وذلك لقلة يقينهم ... إلخ.