وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢))
قدّم ذكر أهمّ الأشياء ـ وهو المغفرة. ثم إذا فرغت القلوب عن العقوبة قال :
(وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ ...) فبعد ما ذكر الجنّة ونعيمها قال : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً) ، وبماذا تطيب تلك المساكن؟ لا تطيب إلّا برؤية الحقّ سبحانه ، ولذلك قالوا :
أجيراننا ما أوحش الدار بعدكم |
|
إذا غبتمو عنها ونحن حضور! |
نحن في أكمل السرور ولكن |
|
ليس إلا بكم يتمّ السرور |
عيب ما نحن فيه يا أهل ودّى |
|
أنكم غيّب ونحن حضور |
قوله جل ذكره : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣))
أي ولكم نعمة أخرى تحبونها : نصر من الله ؛ اليوم حفظ الإيمان وتثبيت الأقدام على صراط الاستقامة ، وغدا على صراط القيامة.
(وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) : الرؤية والزلفة. ويقال الشهود. ويقال : الوجود (١) أبد الأبد.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) : بأنهم لا يبقون عنك في هذا التواصل.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ
__________________
(١) لفظة (الوجود) بالمعنى الصوفي مقبولة هنا ، ولكننا في ذات الوقت لا نستبعد أن تكون (الخلود) إشارة إلى قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً).