كانوا. ومنكم مؤمن في سابق حكمه سمّاه مؤمنا ، وعلم في آزاله أنه يؤمن وخلقه مؤمنا ، وأراده مؤمنا ... والله بما تعملون بصير.
قوله جل ذكره : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣))
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) : أي وهو محقّ في خلقه.
(وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) لم يقل لشىء من المخلوقات هذا الذي قال لنا ، صوّر الظاهر وصوّر الباطن ؛ فالظاهر شاهد على كمال قدرته ، والباطن شاهد على جلال قربته (١).
قوله جل ذكره : (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤))
قصّروا حيلكم عن مطلوبكم ، فهو تتقاصر عنه علومكم ، وأنا أعلم ذلك دونكم ... فاطلبوا منّى ، فأنا بذلك أعلم ، وعليه أقدر.
ويقال : (وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ). فاحذروا دقيق الرياء ، وخفيّ ذات الصدور (وَما تُعْلِنُونَ) :
فاحذروا أن يخالف ظاهركم باطنكم.
فى قوله (ما تُسِرُّونَ) أمر بالمراقبة بين العبد وربه.
وفي قوله (ما تُعْلِنُونَ) أمر بالصدق في المعاملة والمحاسبة مع الخلق (٢).
قوله جل ذكره : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ
__________________
(١) القربة هنا إشارة إلى تميز الإنسان من بين المخلوقات بقيام المحبة بمعناها الخاص بينه وبين الحق سبحانه ، وقد سبق بيان ذلك في مواضع مختلفة.
(٢) مرة أخرى ننبه إلى ضرورة فهم الفرق بين اصطلاحى : المراقبة والمحاسبة ـ حسب المنهج القشيري.