قوله جل ذكره : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩))
من زرع الشوك لم يجن الورد ، ومن أضاع حقّ الله لا يطاع في حظّ نفسه (١). ومن اجترأ (٢) بمخالفة أمر الله فليصبر على مقاساة عقوبة الله.
قوله جل ذكره : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)
إنّ كتاب الله فيه تبيان لكلّ شىء .. فمن استضاء بنوره اهتدى ، ومن لجأ إلى سعة فنائه وصل من داء الجهل إلى شفائه (٣).
ومن يؤمن بالله ، ويعمل صالحا لله ، وفي الله ، فله دوام النّعمى من الله .. قال تعالى :
(قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً).
والرزق الحسن ما كان على حدّ الكفاية ؛ لا نقصان فيه تتعطّل الأمور بسببه ، ولا زيادة فيه تشغله عن الاستمتاع بما رزق لحرصه.
كذلك أرزاق القلوب. أحسنها أن يكون له من الأحوال ما يشتغل به في الوقت ؛ من غير
__________________
(١) هكذا في ص وهي أصوب مما في م (حق نفسه) فالحقوق لله والحظوظ للعبد.
(٢) هكذا في ص وهي أصوب مما في م (احترق) فسياق الآية يوحى بذلك.
(٣) أصل الجملة (وصل إلى شفائه من داء الجهل) .. ولكن حرص القشيري على التركيب الموسيقى دفعه إلى هذه الصياغة.