ويقال : فى الخطاب لطف .. وهو أنه لم يواجهه بل قاله على الكناية (١) ، ثم بعده قال :
(وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى)
أي يتذكر بما يتعلم منك أو.
(أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى).
قوله جل ذكره : (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧))
أمّا من استغنى عن نفسه فإنه استغنى عن الله.
ويقال : استغنى بماله فأنت له تصدّى ، أي تقبل عليه بوجهك.
(وَما عَلَيْكَ ..) فأنت لا تؤاحذ بألا يتزكّى هو فإنما عليك البلاغ.
(وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى)
لطلب العلم ، ويخشى الله فأنت عنه تتلهّى ، وتتشاغل ... وهذا كله من قبيل العتاب معه لأجل الفقراء.
قوله جل ذكره : (كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢))
القرآن تذكرة ؛ فمن شاء الله أن يذكره ذكره ، ومن شاء الله ألا يذكره لم يذكّره ؛ أي بذلك جرى القضاء ، فلا يكون إلا ما شاء الله.
ويقال : الكلام على جهة التهديد ؛ ومعناه : فمن أراد أن يذكره فليذكره ، ومن شاء ألا يذكره فلا يذكره! كقوله (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (٢).
وقال سبحانه : (ذَكَرَهُ) ولم يقل «ذكرها» لأنه أراد به القرآن.
قوله جل ذكره : (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣))
__________________
(١) أي تحدث عن عبوس الوجه بضمير الغائب ، ثم جاء العتاب بضمير الخطاب.
(٢) آية ٢٩ سورة الكهف.