إذا سمعوا دعوتنا قابلوها بالتصديق ، وانقادوا بحسن الاستسلام ، فلا جرم يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا على الأوامر وصبروا على المحارم في عاجلهم وآجلهم ، مرة في الآخرة وهي المثوبة وأخرى في الدنيا وهي لطائف القربة.
قوله جل ذكره : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥))
(اللَّغْوَ) : ما يلهى عن الله. ويقال (اللَّغْوَ) ما لا يوجب وسيلة عند الله ، ويقال ما لا يكون بالحقّ للحقّ ، ويقال هو ما صدر عن قلب غافل ، ويقال هو ما يوجب سماعه السّهو.
قوله جل ذكره : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦))
(١) الهداية في الحقيقة إمالة القلب من الباطل إلى الحقّ ، وذلك من خصائص قدرة الحقّ ـ سبحانه ـ وتطلق الهداية بمعنى الدعاء إلى الحق ـ توسّعا ، وذلك جائز بل واجب فى صفته صلىاللهعليهوسلم ، قال تعالى : «وإنك تهدى إلى صراط مستقيم».
ويقال : لك شرف النبوّة ، ومنزلة الرسالة ، وجمال السفارة ، والمقام المحمود ، والحوض المورود ، (وأنت سيد ولد آدم .. ولكنك لا تهدى من أحببت ؛ فخصائص الربوبية لا تصلح) (٢) لمن وصفه البشرية.
قوله جل ذكره : (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ
__________________
(١) قال ابو إسحاق الزجاج : أجمع المفسرون أن هذه الآية نزلت في أبى طالب حين أبى أن ينطق الشهادة وقال : أنا على ملة عبد المطلب فقال الرسول (ص) : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك (أسباب النزول للواحدى ص ٢٢٨)
(٢) ما بين القوسين موجود في م وساقط في ص.