والمعنى : أنعم الله عليهم بإهلاك عدوّهم ليؤلّفهم رحلتيهم.
وقيل : فليعبدوا ربّ هذا البيت لإيلاف قريش ، كأنه أعظم المنّة عليهم. وأمرهم بالعبادة :
(فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ)
فليعبدوه لما أنعم به عليهم.
وقيل : فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع بعد ما أصابهم من القحط حينما دعا عليهم الرسول صلىاللهعليهوسلم (١).
(وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ).
حين جعل الحرم آمنا ، وأجارهم من عدوّهم.
ويقال : أنعم عليهم بأن كفاهم الرحلتين بجلب الناس الميرة إليهم من الشام ومن اليمن.
ووجه المنّة في الإطعام والأمان هو أن يتفرّغوا إلى عبادة الله ؛ فإنّ من لم يكن مكفىّ الأمور لا يتفرّغ إلى الطاعة ، ولا تساعده القوة ولا القلب ـ إلّا عند السلامة بكلّ وجه وقد قال تعالى.
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) (٢) فقدّم الخوف على جميع أنواع البلاء.
__________________
(١) دعا عليهم الرسول (ص) لمّا كذّبوه وقال : «اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف» فاشتد القحط ، فقالوا : يا محمد ادع الله لنا فإنّا مؤمنون ، فدعا فأخصبت الأرض ، وحملوا الطعام إلى سائر البلدان.
(٢) آية ١٥٥ سورة البقرة.