على أيدى الناس حتى يدفعوا إلينا شيئا هو ضرورتنا ، ولا بدّ لنا من أخذه ، فقال له قارون : وكيف يجب أن نفعله؟
فقال له : أن ندخل في الأسبوع يوما السوق ، ونكتسب ، وننفق ذلك القدر في الأسبوع ، فأجابه إليه. فكانا يحضران السوق في الأسبوع يوما ، ثم قال له : لست أنا وأنت فى شىء ، فقال : وما الذي يجب أن نعمله؟
فقال له : نكتسب في الأسبوع يوما لأنفسنا ، ويوما نكتسب ونتصدّق به ، فأجابه إليه. ثم قال له يوما آخر : لسنا في شىء ، فقال : وما ذاك؟
قال : إن مرضنا أو وقع لنا شغل لا نملك قوت يوم ، فقال : وما نفعل؟
قال : نكتسب في الأسبوع ثلاثة أيام ؛ يوما للنفقة ويوما للصدقة ويوما للادخار ، فأجابه إليه .. فلمّا علم أن حبّ الدنيا استمكن من قلبه ودّعه ، وقال :
إنّى مفارقك .. فدم على ما أنت عليه ، فصار من أمره وماله ما صار ، وحمله حبّ الدنيا على جمعها ، وحمله جمعها على حبّها ، وحمله حبّها على البنى عليهم ، وصارت كثرة ماله سبب هلاكه ، وكم وعظ بترك الفرح بوجود الدنيا ، وبترك الاستمتاع بها! وكان لا يأبى إلّا ضلالا.
ويقال خسف الله به الأرض بدعاء موسى عليهالسلام ، فقد كان موسى يقول :
يا أرض خذيه .. وبينما كانت الأرض تخسف به كان يستعين بموسى بحقّ القرابة ، ولكن موسى كان يقول : يا أرض خذيه.
وفيما أوحى الله إلى موسى : لقد ناداك بحقّ القرابة وأنت تقول : يا أرض خذيه! وأنا أقول : يا عبد ، نادنى فأنا أقرب منه إليك ، ولكنه لم يقل.
وفي القصة أنه كان يخسف به كل يوم بزيادة معلومة ، فلمّا حبس الله يونس في بطن الحوت أمر الحوت أن يطوف به في البحار لئلا يضيق قلب يونس ، حتى انتهى إلى قارون ، فسأله قارون عن موسى وحاله ، فأوحى الله إلى الملك :