وقيل الذي ينصبك بأوصاف التفرقة بالتبليغ وبسط الشريعة لرادّك إلى عين الجمع بالتحقّق بالحقّ والفناء عن الخلق.
ويقال إن الذي أقامك بشواهد العبودية فيما أثبتك به لرادّك إلى الفناء عنك بمحقك في وجود الحقيقة.
قوله جل ذكره : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (٨٦))
ما كنت تؤمّل محلّ النبوة وشرف الرسالة وتأهيل مخاطبتنا إليك ، ولا ما أظهرنا عليك من أحوال الوجد وحقائق التوحيد.
قوله جل ذكره : (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧))
لا يصدنّك بعد إذ أنزلت إليك الآيات ما وجدته بحكم الذّوب والشهود ، والإدراك والوجود. لا تتداخلنّك تهمة التجويز وسؤالات العلماء بما يدّعون من أحكام العقول ؛ فما يدرك في شعاع الشمس لا يحكم ببطلانه خفاؤه في نور السراج.
قوله جل ذكره : (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨))
كلّ عمل باطل إلا ما كان لوجه الله وللتقرب به إلى الله.
كلّ حيّ ميت إلا هو ، قال تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) : أي مات ؛ فكلّ شىء معدّ لجواز الهلاك والعدم ، ولا يبقى إلا (وَجْهَهُ) : ووجهه صفة من صفاته لا تستقل إلا به ،