وأظهر للكافة عجزهم ، وأخبر عما يلحقهم في مآلهم من استحقاق اللّعن والطرد ، وفنون الهوان والخزي.
قوله جل ذكره : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦))
لا تصحّ الهجرة إلى الله إلّا بالتبرّى ـ بالكمال ـ بالقلب عن غير الله. والهجرة بالنّفس يسيرة بالإضافة إلى الهجرة بالقلب ـ وهي هجرة الخواص ؛ وهي الخروج عن أوطان التفرقة إلى ساحات الجمع. والجمع بين التعريج في أوطان التفرقة والكون في مشاهد الجمع متناف (١).
قوله جل ذكره : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧))
لمّا لم يجب قومه ، وبذل لهم النصح (٢) ، ولم يدّخر عنهم شيئا من الشفقة ـ حقّق الله مراده في نسله ، فوهب له أولاده ، وبارك فيهم ، وجعل في ذريته الكتاب والنبوة ، واستخلصهم للخيرات حتى صلحت أعمالهم للقبول ، وأحوالهم للإقبال عليها ، ونفوسهم للقيام بعبادته ، وأسرارهم لمشاهدته ، وقلوبهم لمعرفته.
(وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) للدنوّ والزلفة والتخصيص بالقربة.
قوله جل ذكره : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨))
__________________
(١) ما يكون كسبا للعبد وما يليق بأحوال البشرية فهو فرق وما يكون من قبل الحق من إبداء معان وإسداء لطف وإحسان فهو جمع فإثبات الخلق من باب التفرقة وإثبات الحق من نعت الجمع (الرسالة ص ٣٨).
(٢) فى ص زاد الناسخ (فى أوطان) وهي غير موجودة في م والسياق يستغنى عنها.