حذف الأولى أولى ، لأن فى الثانية زيادة معنى لأنها تدل على الجمع والتأنيث ، والاولى إنما تدل على التأنيث فقط ، فلهذا كان حذف الأولى وتبقية الثانية أولى.
قوله تعالى : (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) (٩).
أرضا ، منصوب على أنه ظرف مكان ، وتعدّى إليه (اطرحوا) وهو لازم ، لأنه ظرف مكان مبهم ، وليس له حدود بحصره ولا نهاية تحيط به.
وزعم النّحاس أنه غير مبهم ، وكان ينبغى أن لا يتعدى إليه الفعل إلا بحرف جرّ ، إلا أنه حذف حرف الجر فتعدى الفعل إليه. كقول الشاعر :
١٠٢ ـ فلأبغينّكم قنا وعوارضا |
|
ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد (١) |
أراد بقنا وعوارض. وهو قول ليس بمرض.
قوله تعالى : (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) (١١).
تأمنّا ، أصله تأمننا فاجتمع حرفان متحركان من جنس واحد ، فاستثقلوا اجتماعهما فسكنوا الأوّل منهما وأدغموه فى الثانى ، وبقى الإشمام يدلّ على ضمّة الأولى.
والإشمام ضمّ الشّفتين من غير صوت ، وهذا يدركه البصير دون الضرير.
قوله تعالى : (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) (١٢).
يقرأ بكسر العين وجزمها ، فمن قرأ بكسر العين كان أصله يرتعى على وزن يفتعل ، من الرّعى إلّا أنه حذفت الياء للجزم ، وقيل أصله يرتعى من رعاك الله ، فيكون المعنى على هذا نتحارس ويحفظ بعضنا بعضا.
__________________
(١) من شواهد سيبويه ١ ـ ٨٢. ١٠٩ ونسبه لعامر بن الطفيل. قنا وعوارض : جبلان ـ واللابة : الحرة ـ وضرغد : جبل بعينه.