أحدهما : أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ ، وخبره محذوف ، وتقديره ، فصبر جميل أمثل من غيره.
والثانى : أن يكون مرفوعا لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، فصبرى صبر جميل.
قوله تعالى : (قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ) (١٩).
قرئ : يا بشراىّ بتشديد الياء ، ويا بشرى بغير ياء.
فمن قرأ : يا بشراىّ كان منادى مضافا ، وكذلك قراءة من قرأ : بشرىّ بتشديد الياء ، لأن أصله : يا بشراى إلا أنه لما كانت ياء الإضافة لا يكون ما قبلها إلّا مكسورا قلبت الألف ياء ، وأدغمت الياء فى الياء ، ومثله قراءة من قرأ :
(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ)(١)
فى هداى. وذكر أنها قراءة النبى عليهالسلام ، ومن قرأ : يا بشرى بغير ياء ، كان منادى مفردا كأنه جعل (بشرى) اسم المنادى نحو قولك : يا زيد. ويجوز أن يكون نادى البشرى ، كأنه قال : يا أيتها البشرى.
والبشرى صفة (أيّة) فحذف الموصوف ، و (ها) التى للتنبيه ، والألف واللام من الصّفة ، فصار ، يا بشرى. وكذلك ، يا سكرى ، وتقديره ، يا أيتها السكرى ، ففعل به ما ذكرنا ، وكذلك تقول : يا رجل ، وأصله : يا أيها الرجل ، فتحذف أىّ الموصوف ، وها التى للتنبيه ، والألف واللام ، فيبقى يا رجل ، ولهذه الحذوف لا يجوز حذف النداء من هذا النحو ، فإنك لو قلت : بشرى فى (يا بشرى) ، وسكرى فى (يا سكرى) ورجل فى (يا رجل) لم يجز لما فيه من الإفراط فى الحذف ، وكان هو أولى بالتّبقية لما فيه من الدلالة على غيره من المحذوف ، وليس فى غيره ما يدل على حذفه ، وكأنه قال : يا أيتها البشرى هذا أوانك.
__________________
(١) ١٢٣ سورة طه.