قوا ، أمر من (وقى يقى) ، وأصله (أوقيوا) على وزن أفعلوا ، فحذفت الواو كما حذفت من (بقى) ، وحذفت من (يقى) لوقوعها بين ياء وكسرة ، وذهب الكوفيون إلى أنها حذفت من (يقى) ، لتفرق بين اللازم والمتعدى نحو : وعد يعد ، ووجل يوجل ، وهذا فاسد لأنهم قد قالوا : ونم الذباب ينم ، ووكف البيت يكف ، فحذفوا من اللازم كما حذفوا من المتعدى ، ولو كان هذا التعليل صحيحا لكان ينبغى ألا يحذف ، لأنه لازم ، ولما حذفوا الواو من (أوقيوا) ، استغنوا عن همزة الوصل لتحرك القاف ، لأن الهمزة إنما اجتلبت لأجل الابتداء بالساكن ، وقد زال الساكن فينبغى أن يزول لزوال العلة التى اجتلبت من أجلها ، فبقى (قيوا) ، فاستثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى القاف بعد إسكانها ، فبقيت الياء ساكنة وواو الجمع بعدها ساكنة ، فاجتمع ساكنان فحذفوا الياء لاجتماع الساكنين ، وكان حذفها أولى ، لأنها لم تدخل لمعنى وواو الجمع دخلت لمعنى ، فكان تثبيتها أولى ، ووزن (قوا) (عوا) ، لذهاب الفاء واللام.
قوله تعالى : (تَوْبَةً نَصُوحاً) (٨).
إنما قال : (نصوحا). ولم يقل : (نصوحة) على النسب. كما قالوا : امرأة صبور وشكور على النسب. وقد قرئ (نصوحا) بضم النون وهو مصدر كالذهوب والجلوس والفسود فى فسد فسادا وفسودا. والصلوح فى صلح يصلح صلاحا قال الشاعر :
١٧١ ـ فكيف بأطرافى إذا ماشتمتنى |
|
وما بعد شتم الوالدين صلوح (١) |
أى : صلح.
قوله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ) (١٠).
__________________
(١) اللسان مادة (صلح) ومادة (طرف) والبيت لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. وفلان كريم الطرفين إذا كان كريم الأبوين يراد به نسب أبيه ونسب أمه.