اللام في (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ)(١) فهي تنذر بإتيان القسم بعدها ، وهو قوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) ، كما كانت «لئن» إنذارا للقسم في قوله : (لَنُغْرِيَنَّكَ). فهي توطئة للقسم ، وليست بجواب للقسم ، كما كانت في الوجه الأول ؛ لأنّ الشرط غير متعلق بما قبله ، ولا يعمل فيه ما قبله ، فصارت منقطعة مما قبلها ، بخلاف إذا جعلت «ما» بمعنى الذي ؛ لأنّه كلام متصل ، وما قبله جواب له. وحذفها جائز ، قال الله تعالى : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَ)(٢). فإذا كانت «ما» للشرط لم تحتج الجملة المعطوفة إلى عائد ، كما لم تحتج إليه الأولى (٣) ، ولذلك اختاره سيبويه (٤) ؛ لمّا لم ير في الجملة عائدا جعل (٥) «ما» للشرط ؛ [وهذا تفسير المازنيّ وغيره لمذهب الخليل وسيبويه](٦).
وقد تأوّل قوم أنّ مذهب سيبويه أن «ما» بمعنى الذي ، والهاء في (بِهِ) تعود على «ما» إذا كانت بمعنى الذي ، ولا يجوز أن تعود على (رَسُولٌ) ؛ فإن جعلت «ما» للشرط جاز أن تعود على (رَسُولٌ). والهاء في (لَتَنْصُرُنَّهُ) تعود على (رَسُولٌ) في الوجهين جميعا. فهذه آية غريبة الإعراب ، فافهمها إن شاء الله (٧).
٤٠٩ ـ قوله تعالى : (طَوْعاً وَكَرْهاً) ـ ٨٣ ـ مصدران في موضع الحال ، أي طائعين ومكرهين.
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآية ٦٠.
(٢) سورة المائدة : الآية ٧٣.
(٣) أي : (ما) التي بمعنى الذي.
(٤) الكتاب لسيبويه ١ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦.
(٥) في (ظ ، ق) : «ولذلك اختاره الخليل وسيبويه ، لمّا لم يريا في الجملة الثانية عائدا ، جعلا».
(٦) ما بين قوسين من (ظ ، ق).
(٧) انظر الكشف ١ / ٣٥١ ؛ ومعاني القرآن للأخفش ٢٠٩ ؛ والبيان ١ / ٢٠٩ ؛ والعكبري ١ / ٨٣ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ١٢٥.