و (خَيْرٌ) خبر «أنّ». وإن شئت جعلت «ما» و (نُمْلِي) ؛ مصدرا ، فلا تضمر هاء ، تقديره : ولا يحسبنّ الذين كفروا أنّ الإملاء لهم خير لهم. فأما من قرأه بالياء وكسر «إنّ» من (أَنَّما) ، فإنما يجوز على أن تعلق «حسب» وتقدر القسم ، كما تفعل بلام الابتداء في قولك : لا يحسبنّ زيد لأبوه أفضل من عمرو ، كأنك قلت : والله لأبوه أفضل من عمرو. فأما من قرأه بالتاء ـ وهو حمزة ـ فإنه جعل (الَّذِينَ) مفعولا أول ل «حسب» ، والفاعل هو المخاطب ، وهو النبي عليهالسلام ، وجعل (أَنَّما) وما بعدها بدلا من (الَّذِينَ) فتسدّ مسدّ المفعولين ؛ كما مضى في قراءة من قرأ بالياء ؛ و «ما» بمعنى الذي في هذه القراءة ، والهاء محذوفة من (نُمْلِي). ولا يحسن أن تجعل «أنّ» مفعولا ثانيا ل «حسب» ؛ لأن الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى ، إلا أن تضمر محذوفا تقديره : ولا تحسبنّ شأن الذين كفروا أنما نملي لهم ، فتجعل «ما» و (نُمْلِي). مصدرا على هذا. فإن لم تقدّر محذوفا ، فجوازه على أن تكون «أنّ» بدلا من (الَّذِينَ) ، وتسدّ مسدّ المفعولين ، و «ما» بمعنى الذي. وفي جواز «ما» والفعل مصدر ، و «أنّ» بدل من الذين ؛ نظر. وقد كان وجه القراءة لمن قرأ بالتاء أن يكسر «إنما» ، فتكون الجملة في موضع المفعول الثاني ، ولم يقرأ به أحد علمته. وقد قيل : إن من قرأ بالتاء فجوازه على التكرير ، تقديره : لا تحسبنّ الذين كفروا ؛ لا تحسبنّ أنما نملي لهم ، ف «أنما» سدت مسد المفعولين ل «حسب» الثاني ، وهي وما عملت فيه مفعول ثان ل «حسب» الأول ، كما أنك لو قلت : الذين كفروا لا تحسبنّ أنما نملي لهم خير لأنفسهم ، لجاز ، فتدخل «حسب» الأول على المبتدأ (١).
__________________
(١) الكشف ١ / ٣٦٥ ؛ والبيان ١ / ٢٣٢ ؛ والعكبري ١ / ٩٢ ؛ وتفسير القرطبي ٤ / ٢٨٧.
وفي هامش (ظ) : ٢٩ / ب : «(ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ) : خبر (كان) محذوف ، تقديره : ما كان الله مريدا لأن يذر. ولا يجوز أن يكون الخبر (لِيَذَرَ) ؛ لأن الفعل بعد اللام ينتصب ب (أن) ، فيصير التقدير : ما كان الله ليترك المؤمنين على ما أنتم عليه ، وخبر (كان) هو اسمها في المعنى ، وليس الترك هو الله تعالى. وقال الكوفيون :