١٠٤١ ـ قوله تعالى : (وَرَسُولِهِ) ـ ٣ ـ ارتفع على الابتداء ، والخبر محذوف ، أي ورسوله أيضا بريء من المشركين ، فحذف لدلالة الأوّل عليه. وقد أجاز قوم رفعه على العطف على موضع اسم (اللهِ) قبل دخول (أَنَّ) ، وقالوا : «الأذان» بمعنى القول ، فكأنه لم يتغير معنى الكلام (١) ، ومنع ذلك جماعة ؛ لأنّ (أَنَّ) المفتوحة قد غيّرت معنى الابتداء ؛ إذ هي وما بعدها مصدر (٢) ، فليست كالمكسورة التي لا تدلّ على غير التأكيد ، ولا يغيّر معنى الابتداء دخولها. فأمّا عطف «ورسوله» على الضمير المرفوع في (بَرِيءٌ) فهو قبيح عند كثير من النحويين ، حتى يؤكد ؛ وقد أجازه كثير منهم في هذا الموضع ، وإن لم يؤكّد ، لأن المجرور يقوم مقام التأكيد. فعطفه على المضمر في «برى» حسن جيد ، وقد أتى العطف على المضمر المرفوع في القرآن من غير تأكيد ، ولا ما يقوم مقام التأكيد ؛ قال الله جلّ ذكره : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٣) فعطف «الآباء» على المضمر المرفوع ، ولا حجة في دخول «لا» لأنّها إنّما دخلت بعد واو العطف ، والذي يقوم مقام التأكيد ؛ إنما يأتي قبل واو العطف في موضع التأكيد ، والتأكيد لو أتي به لم يكن إلا قبل واو العطف ، نحو قوله تبارك وتعالى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ)(٤) ؛ [ولكن جاز ذلك لأن الكلام قد طال بدخول «لا» فقام الطول مقام التأكيد]. وقد قرأ عيسى بن عمر (٥) «ورسوله» بالنصب ، عطف على اللفظ.
١٠٤٢ ـ قوله تعالى : (مِنَ اللهِ) ـ ٣ ـ فتحت النون لالتقاء الساكنين ، وكان الفتح أولى بها لكثرة الاستعمال ، ولئلا تجتمع كسرتان ، وبعض
__________________
(١) في الأصل : «لم يغير الموضع». وبعده في(ظ ، ق) : «بدخوله».
(٢) أي في تأويل مصدر.
(٣) سورة الأنعام : الآية ١٤٨.
(٤) سورة المائدة : الآية ٢٤.
(٥) في البحر المحيط ٦/٥ : قرأ به ابن أبي إسحاق ، وعيسى بن عمر ، وزيد بن علي ، وفي تفسير القرطبي ٧٠/٨ : قرأ به الحسن وغيره.