موضع نصب على ما تقدم. ويجوز أن ترفع (السِّحْرُ) على البدل من (ما) ، وخبره خبر المبدل منه ، فلذلك دخله الاستفهام ، إذ هو بدل من استفهام ، ليستوي البدل والمبدل منه في لفظ الاستفهام ، كما تقول : كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ فتجعل «عشرون» بدلا من «كم» ، وتدخل ألف الاستفهام على «عشرين» ؛ لأن المبدل منه وهو «كم» ، استفهام. ومعنى الاستفهام في [هذه](١) الآية : التقرير والتوبيخ ، ليس هو باستخبار ؛ لأن موسى صلىاللهعليهوسلم قد علم أنه سحر ، وإنما وبّخهم بما فعلوا ، ولم يستخبرهم عن (٢) شيء لم يعلمه ؛ وفيه أيضا معنى التحقير لما جاءوا به. وأجاز الفراء نصب (السِّحْرُ) تجعل (ما) شرطا ، وتنصب (السِّحْرُ) على المصدر ، وتضمر الفاء مع (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) وتجعل الألف واللام في (السِّحْرُ) زائدتين ، وذلك كله بعيد. وقد أجاز علي بن سليمان حذف الفاء من جواب الشرط في الكلام ، واستدل على جوازه بقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما)(٣) (كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)(٤) ، ولم يجزه غيره إلا في ضرورة الشعر (٥).
١١١٥ ـ قوله تعالى : (مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) ـ ٨٣ ـ إنما جمع الضمير في (مَلَائِهِمْ) لأنه إخبار عن جبار ، والجبار يخبر عنه بلفظ الجمع. وقيل : لما ذكر فرعون علم أن معه غيره ، فرجع الضمير عليه ، وعلى من معه. وقيل : الضمير راجع على آل فرعون ، وفي الكلام حذف ، والتقدير : على خوف
__________________
(١) زيادة من : (ظ ، ق).
(٢) في(ح) : «على» والتصحيح من : (ظ ، ق ، د).
(٣) معاني القرآن ٤٧٥/١.
(٤) في المصحف «فَبِمٰا» وهي قراءة الجمهور ، وقرأ بغير فاء نافع وابن عامر وأبو جعفر. النشر ٣٥٢/٢ ؛ والتيسير ص ١٩٥ ؛ الإتحاف ص ٣٨٣.
(٥) سورة الشورى : الآية ٣٠.
(٦) ومنه قول الشاعر :
من يفعل الحسنات اللّه يشكرها |
|
والشرّ بالشرّ عند اللّه مثلان |
أي فاللّه يشكرها. انظر : تفسير القرطبي ٣٦٨/٨ ؛ والعكبري ١٧/٢ ؛ والبيان ٤١٨/١ ؛ وزاد المسير ٥١/٤.