عندهما. وقيل عن الخليل أنه قال : [إنّ](١) «أنّ» في موضع رفع ب (جَرَمَ) و (جَرَمَ) بمعنى : بدّ ، فمعناه : لا بدّ ولا محالة. قال الخليل : جيء ب (لا) ؛ ليعلم أنّ المخاطب لم يبتدئ كلامه ، وإنما خاطب من خاطبه. وقال الزجاج : (٢) (لا) نفي لما ظنّوا أنه ينفعهم. وأصل معنى : (جَرَمَ) كسب ، من قولهم : فلان جارم أهله ، أي (٣) : كاسبهم ؛ ومنه سمّي الذنب «جرما» لأنه اكتسب. فكان المعنى عندهم : لا ينفعهم ذلك ، ثم ابتدأ فقال : (جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أي : كسب ذلك الفعل لهم الخسران في الآخرة ؛ و «أنّ» من (أَنَّهُمْ) على هذا التقدير في موضع نصب ب (جَرَمَ). وقال الكسائي : معناه لا صدّ ولا منع عن أنهم في الآخرة ، ف «أن» في موضع نصب ب (جَرَمَ) على قوله أيضا ، لحذف حرف الجر (٤).
١١٢٨ ـ قوله تعالى : (بادِيَ الرَّأْيِ) ـ ٢٧ ـ انتصب (بادِيَ) على الظرف ، أي : في بادي الرأي ، هذا على (٥) قراءة من لم يهمزه. ويجوز أن يكون مفعولا به حذف معه حرف الجر ، مثل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ)(٦) ، وإنما جاز أن يكون «فاعل» (٧) ظرفا ، كما جاز ذلك في «فعيل» نحو : قريب ومليء. و «فاعل» و «فعيل» يتعاقبان نحو : راحم ورحيم ، وعالم وعليم ، وحسن ذلك في «فاعل» لإضافة إلى الرأي ، والرأي يضاف إليه المصدر ، وينتصب المصدر معه على الظرف ، نحو قولك : إما جهد رأي فإنّك منطلق ، والعامل في الظرف (اتَّبَعَكَ). وهو من : بدا يبدو ، إذا ظهر.
__________________
(١) زيادة من : (ظ ، ق ، د).
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤٦/٣.
(٣) في(ح) : «لما» وصحح من : (ظ ، ق ، د).
(٤) انظر : الكتاب ٤٦٩/١ ؛ والبيان ١٠/٢ ؛ والعكبري ٢٠/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٠/٩.
(٥) (ح) : «في» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).
(٦) سورة الأعراف : الآية ١٥٥ ، وانظر فقرة(٩٧٥).
(٧) (ح ، د) : «فاعلا» وأثبت ما في ظ ، ق.