جعلت «جعلنا» بمعنى : صيّرنا. وإن جعلته بمعنى : خلقنا ، نصبت (زِينَةً) على أنه مفعول من أجله ؛ لأنّ «خلقنا» لا يتعدّى إلّا إلى مفعول واحد.
١٣٥٠ ـ قوله تعالى : (سِنِينَ) ـ ١١ ـ نصب على الظرف. و (عَدَداً) مصدر ، وقيل : نعت ل (سِنِينَ) ، على معنى : ذات عدد. وقال الفرّاء (١) : معناه : معدودة ، فهو على هذا نعت ل «السنين».
١٣٥١ ـ قوله تعالى : (أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) ـ ١٢ ـ (أَمَداً) نصب لأنه مفعول ل (أَحْصى) ، كأنّه قال : لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء؟. وقيل : هو منصوب ب (لَبِثُوا).
وأجاز الزجاج (٢) نصبه على التمييز ، ومنعه غيره ؛ لأنّه إذا نصبه على التمييز جعل (أَحْصى) اسما على «أفعل». و (أَحْصى) أصله مثال ماض من : أحصى يحصي ، وقد قال الله عزوجل : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ)(٣) ، (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)(٤) ، فإذا صحّ أنّه يقع فعلا ماضيا لم يكن أن يستعمل منه : أفعل من كذا ، وإنما يجيء أفعل من كذا أبدا من الثلاثي ، ولا يأتي من الرباعي البتة إلا في شذوذ ، نحو قولهم : ما أولاه للخير ، وما أعطاه للدراهم ، فهو شاذ لا يقاس عليه. فإذا لم يمكن أن يأتي «أفعل من كذا» من الرباعي ، علم أن (أَحْصى) ليس هو «أفعل من كذا» ، إنما هو فعل ماض ؛ وإذا كان فعلا ماضيا لم يأت معه التمييز ، وكان تعدّيه إلى «أمد» أبين وأظهر. وإذا نصبت (أَمَداً) ب (لَبِثُوا) ، فهو ظرف ، لكن يلزمك أن تكون عدّيت (أَحْصى) بحرف جر ؛ لأنّ التقدير : أحصى للبثهم في الأمد ، وهو ما لا يحتاج إلى حرف ، فيبعد ذلك بعض البعد ، فنصبه ب (أَحْصى) أولى وأقوى.
__________________
(١) معاني القرآن ١٣٥/٢.
(٢) معاني القرآن ٢٧١/٣ ؛ وانظر : معاني القرآن للفراء ١٣٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٦٤/١٠.
(٣) سورة المجادلة : الآية ٦.
(٤) سورة الجن : الآية ٢٨.