بدلا من قوله : (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) ؛ و (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) نصب على المصدر. وقيل : لأنّه في موضع المصدر ، وليس بمصدر على الحقيقة. وقيل : هو ظرف وتقديره : ثلاثة أوقات ، أي : يستأذنونكم (١) في ثلاثة أوقات ، وهذا أصحّ في المعنى ؛ لأنّهم لم يؤمروا أن يستأذنهم العبيد والصبيان ثلاث مرات ؛ إنما أمروا أن يستأذنوهم في ثلاثة أوقات ، ألا ترى أنّه قد بيّن الأوقات فقال : (مِنْ قَبْلِ)(٢) (صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) فبيّن الثلاث المرّات بالأوقات ، فعلم أنّها ظرف ، وهو الصحيح. فإذا كانت ظرفا أبدلت منها (ثَلاثُ عَوْراتٍ) ، على قراءة من نصب (ثَلاثُ عَوْراتٍ) ، ولا يصحّ هذا البدل حتى تقدّر محذوفا مضافا تقديره : أوقات ثلاث عورات ، فتبدل «أوقات ثلاث عورات» من «ثلاث مرات» ، وكلاهما ظرف ، فتبدل ظرفا من ظرف ، فيصحّ المعنى والإعراب.
فأمّا من قرأ (ثَلاثُ عَوْراتٍ) بالرفع فإنه جعله خبر ابتداء محذوف تقديره : هذه ثلاث عورات ، ثم حذف المضاف اتّساعا ، وهذه إشارة إلى الثلاثة الأوقات المذكورة قبل هذا ، ولكن اتّسع في الكلام فجعلت الأوقات عورات ؛ لأنّ ظهور العورة فيها يكون ؛ وهو مثل قولهم : نهارك صائم وليلك قائم (٣) ، أخبرت عن النهار بالصّوم ؛ لأنّه فيه يكون ، [وأخبرت عن الليل بالقيام (٤) ؛ لأنه فيه يكون] ، ومنه قوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(٥) ، أضيف «المكر» إلى الليل والنهار ؛ وهما لا يمكران ، إلا أنّ المكر يكون فيهما من فاعلهما ، فأضيف «المكر» إليهما
__________________
ـ والتيسير ص ١٦٣ ؛ والإتحاف ص ٣٢٦.
(١) في الأصل : «يستأذنونك».
(٢) في الأصل و (ظ ، ك ، د) : «من بعد» وهو تحريف ، وصححت في(ح ، ق).
(٣) كذا في(ح ، ك)والكشف ؛ وفي الأصل و (د ، ق) : «نائم».
(٤) كذا في(ح) ؛ وفي(ظ ، ك ، د ، ق) : «بالنوم».
(٥) سورة سبأ : الآية ٣٣.