أكلّ امرئ تحسبين امرأ |
|
ونار توقّد باللّيل نارا |
فخفض «ونار» (١) ونصب «نارا» الأخيرة ، عطفا على «كل» المنصوبة ب «تحسبين» ، وعلى «امرئ» المخفوض ب «كل» فخفض ، فعطف على عاملين مختلفين ، فقدّره سيبويه على حذف «كل» مع «نار» لتقدّم ذكرها ، كأنّه قال : وكلّ نار ، ثم حذف «كلّا» لتقدم ذكرها ، فيسلم بهذا التقدير من العطف على عاملين. وحذف حرف الجر إذا تقدّم ذكره جائز ؛ وعلى ذلك أجاز سيبويه : مررت برجل صالح إلا صالح ، فصالح يريد : إلّا بصالح ، ثم حذف الباء لتقدّم ذكرها.
وقد قيل : إن (٢) قوله : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ) ـ ٥ ـ معطوف على (السَّماواتِ) ، و (آياتٌ) نصبت على التكرير لمّا طال الكلام ، فهي الأولى ؛ لكن كررت فيها لمّا طال الكلام ، كما تقول : ما زيد قائما ولا جالسا زيد ، فتنصب «جالسا» على أنّ «زيدا» الأخير هو الأول ، ولكن أظهرته للتأكيد ، ولو كان الأخير غير الأول لم يجز نصب «جالس» ، لأنّ خبر «ما» لا يتقدّم على اسمها [لأنها لا تتصرف](٣) ، فهي بخلاف «ليس». وكذلك «آيات» الآخرة هي الأولى ، لكن أظهرت لمّا طال الكلام للتأكيد ، فلا يلزم في ذلك عطف على عاملين على هذا التقدير ، فافهمه.
فأمّا من رفع «آيات» في الموضعين فإنّه عطف ذلك على موضع «إنّ» وما عملت فيه ، وموضع «إنّ» وما عملت فيه رفع على الابتداء ، لأنّها لا تدخل إلّا على مبتدأ وخبره ، فرفع وعطف على الموضع قبل دخول «إنّ» ، ولا بدّ من إضمار «في» وإلّا يدخله العطف أيضا على عاملين ؛ على الابتداء والمخفوض. وقد منع البصريون : زيد في الدار والحجرة عمرو ،
__________________
ـ الشجري ٢٩٦/١ بغير نسبة ؛ والمحتسب ٢٨١/١ ؛ وإعراب القرآن المنسوب للزجاج ٥٢/١ ، ٧٠ ، ٣٢١.
(١) في الأصل : «نارا».
(٢) في الأصل : «إن في».
(٣) زيادة في الأصل.