٢٠٣٣ ـ قوله تعالى : (بوالديه حسنا) (١) ـ ١٥ ـ وزنه «فعل» ، وليس بفعلى ؛ لأنّ «فعلى» لا تنصرف في معرفة ولا نكرة ، وأيضا فإنّ «فعلى» في مثل هذا الموضع لا يستعمل إلّا بالألف واللام. والنصب فيه على أنه قام مقام مضاف محذوف تقديره : ووصّينا الإنسان بوالديه أمرا ذا حسن ، فحذف الموصوف وقامت الصفة مقامه ، كما قال : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(٢) ، أي دروعا سابغات. ثم حذف المضاف وهو «ذا» ، وأقام المضاف إليه مقامه ، وهو «حسن». ومن قرأ «إحسانا» بالنصب فعلى المصدر ، تقديره : ووصّينا الإنسان بوالديه أن يحسن إليهما إحسانا. وقرأ عيسى بن عمر «حسنا» بفتحتين (٣) ، تقديره : [أن يفعلا بهما](٤) فعلا حسنا.
٢٠٣٤ ـ قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) ـ ١٥ ـ أصل الانتصاب في «ثلاثين شهرا» أنه ظرف ، لكن في الكلام حذف ظرف مضاف تقديره : وأمد حمله وفصاله ثلاثون شهرا ، فأخبرت بظرف عن ظرف ، وهذا حقّ الكلام أن يكون الابتداء هو الخبر في المعنى ، ولو لا هذا الإضمار لنصبت «ثلاثين» على الظرف ، ولو فعلت ذلك لانقلب المعنى وتغيّر ، ولصارت الوصيّة في ثلاثين شهرا ، كما تقول : كلّمته ثلاثين شهرا ، أي كلّمته في هذه المدة ، فيتغيّر المعنى بذلك ، فلم يكن بدّ من إضمار ظرف ليصحّ المعنى الذي قصد إليه عزوجل ؛ فإنما أراد تعالى أن يبيّن كم أمد الحمل والفصال عن الرضاع. ودلت هذه الآية أنّ أقلّ الحمل ستة أشهر ؛ لأنه تعالى قد بيّن في غير هذا الموضع (٥) أنّ أمد الرضاع سنتان ،
__________________
(١) في المصحف «إِحْسٰاناً» وهي قراءة الكوفيين ، وقرأ الباقون «حسنا» بضم الحاء وإسكان السين. الكشف ٢٧١/٢ ؛ والتيسير ص ١٩٩ ؛ والنشر ٣٥٧/٢.
(٢) سورة سبأ : الآية ١١.
(٣) وقرأ به أيضا علي وأبو عبد الرحمن السّلمي. انظر : المحتسب ٢٦٥/٢ ؛ والبحر المحيط ٦٠/٨.
(٤) زيادة في الأصل.
(٥) في سورة البقرة : الآية : ٢٣٣ وهي : (وَالْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاٰدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ ...).