فعلان أعمل الثاني منهما وهو «يَسْتَغْفِرْ» ، وليس فيه ضمير ؛ لأنه ١ فعل متقدم ، فاعله بعده ، ولو أعمل الأول في الكلام وهو «تَعٰالَوْا» لقيل : تعالوا يستغفر لكم إلى رسول اللّه ، لأنّ تقديره : تعالوا إلى رسول اللّه يستغفر لكم ، ففي «يَسْتَغْفِرْ» ضمير الفاعل على هذا التقدير.
٢٢٦٨ ـ قوله تعالى : (لَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ) ٦ ـ «لَنْ» هي الناصبة للفعل عند سيبويه (١). وقال الخليل (٢) : أصلها : لا أن ، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، ثم حذفت ألف «لا» لسكونها وسكون النون ، فبقيت «لَنْ» ؛ و «لَنْ» موضوعة لنفي المستقبل ، فإذا قلت : لن يقوم زيد ، فإنما هو نفي لمن قال : سيقوم زيد ؛ ولذلك لا يجوز دخول السين وسوف مع «لَنْ» ؛ لأنها لا تدخل إلاّ على مستقبل ، فلا تحتاج إلى السين وسوف معها ، ف «أن» هي الناصبة للفعل عند الخليل ، وقد ألزمه سيبويه ألا يجوز : زيدا لن أضرب ، لأنّه في صلة «أن» ، على قول الخليل ، وذلك جائز عندهما.
وقد منع بعض النحويين ـ وهو عليّ بن سليمان ـ أن يجوز : زيدا لن أضرب ، من جهة أن «لَنْ» لا تنصرف ، وهي ضعيفة لا يتقدم عليها ما بعدها ، كما لم يجز أن يتقدّم اسم «إنّ» عليها. وعوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال ؛ فإذا لم يتقدّم ما بعد عوامل الأسماء عليها ، وهي أقوى من عوامل الأفعال ، كان ذلك في عوامل الأفعال أبعد ، وكذلك «لم» عنده ٣ ؛ والبصريون على جوازه مع «لَنْ» (٤).
٢٢٦٩ ـ قوله تعالى : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) ـ ٨ ـ هذا وجه الكلام ؛ لأنّ الفعل متعدّ إلى مفعول ، لأنه من «أخرج». فأمّا من قرأ (٥)
__________________
(١) في سائر النسخ : «لأن فاعله بعده».
(٢) الكتاب ٤٠٧/١.
(٣) في الأصل : «ولذلك لم يجز عنده».
(٤) انظر : مغني اللبيب ، ص ٢٨٤.
(٥) حكى الكسائي والفراء أن قوما قرءوا «ليخرجنّ» بالياء مفتوحة ، وضم الراء. البحر المحيط ٢٧/٨.