وهو غيرها فانتصب كما ينتصب المفعول إذا جاء من بعد الفاعل ، وهكذا تفسير الحال ، لأنك إذا قلت : «جاء عبد الله راكبا» فقد شغلت الفعل ب «عبد الله» وليس «راكب» من صفته لأن هذا نكرة وهذا معرفة. وإنما جئت به لتجعله اسما للحال التي جاء فيها. فهكذا تفسيره ، وتفسير «هذا أحسن منك وجها» ، لأن «الوجه» غير الكاف التي وقعت عليها «من» و «أحسن» في اللفظ إنما هو الذي تفضله ف «الوجه» غير ذينك في اللفظ فلما جاء بعدهما وهو غيرهما انتصب انتصاب المفعول به بعد الفاعل.
وقال تعالى (كلّ الطّعام كان حلّا لّبنى إسراءيل) [الآية ٩٣] لأنه يقال : «هذا حلال» و «هذا حلّ» ، و «هذا حرام» ، و «هذا حرم» ويقال (وحرام على قرية) [الأنبياء : الآية ٩٥] ويقال (وحرم على قرية) وتقول : «حرم عليكم ذاك» ولو قال (وحرم على قرية) كان جائزا ولو قال (وحرم على قرية) كان جائزا أيضا.
قال الله (فاتّبعوا ملّة إبرهيم حنيفا) [الآية ٩٥] نصب على الحال.
وقال تعالى (إنّ أوّل بيت وضع للنّاس للّذى ببكّة) [الآية ٩٦] فهذا خبر «إنّ».
ثم قال (مباركا) [الآية ٩٦] لأنه قد استغنى عن الخبر ، وصار (مباركا) [الآية ٩٦] نصبا على الحال. (وهدى لّلعلمين) [الآية ٩٦] في موضع نصب عطف عليه. والحال في القرآن كثير ولا يكون إلا في موضع استغناء.
وقال تعالى (فيهءايت بيّنت مّقام إبراهيم) [الآية ٩٧] فرفع (مقام إبراهم) لأنه يقول : (فيهءايت بيّنت) [الآية ٩٧] منها (مقام إبرهيم) على الإضمار.
وقال الله تعالى (واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء) [الآية ١٠٣] على التفسير بقطع الكلام عند قوله (اذكروا نعمت الله عليكم) ثم فسر آية التأليف بين قلوبهم وأخبر بالذي كانوا فيه قبل التأليف كما تقول «أسمك الحائط أن يميل».
(وكنتم على شفا حفرة) [الآية ١٠٣] ف «الشّفا» مقصور مثل «القفا» وتثنيته بالواو تقول : «شفوان» لأنه لا يكون فيه الإمالة ، فلما لم تجىء فيه الإمالة عرفت أنّه من الواو.
وقال تعالى (ولتكن مّنكم أمّة يدعون إلى الخير) [الآية ١٠٤] و «أمّة» في اللفظ واحد وفي المعنى جمع فلذلك قال (يدعون) وفي (ولتكن) جزم اللام بعضهم أيضا.