وما كان من الألفات في أول فعل أو مصدر ، وكان «يفعل» من ذلك الفعل ياؤه مضمومة ، فتلك الألف مقطوعة. تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال ، نحو قوله : (بما أنزل إليك) [البقرة : ٤] ، لأنك تقول : «ينزل». فالياء مضمومة. و (ربّنآءاتنا) [البقرة : الآية ٢٠٠] تقطع لأن الياء مضمومة ، لأنك تقول : «يؤتي». وقال : (وبالوادين إحسانا) [البقرة : الآية ٨٣] و (إيتاء ذي القربى) [النحل : الآية ٩٠] لأنك تقول : «يؤتي» ، و «يحسن». وقوله : (وقال الملك ائتونى به أستخلصه لنفسى) [يوسف : الآية ٥٤] ، و (قال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم) [يونس : الآية ٧٩] فهذه موصولة لأنك تقول : «يأتي» ، فالياء مفتوحة. وإنما الهمزة التي في قوله : (وقال الملك ائتونى به) [يوسف : الآية ٥٠] همزة كانت من الأصل في موضع الفاء من الفعل ، ألا ترى أنها ثابتة في «أتيت» وفي «أتى» لا تسقط. وسنفسر لك الهمز في موضعه إن شاء الله. وقوله (ءاتنا) [البقرة : الآية ٢٠٠] يكون من «آتى» و «آتاه الله» ، كما تقول : «ذهب» و «أذهبه الله» ويكون على «أعطنا». قال (فآتهم عذابا) [الأعراف : ٣٨] على «فعل» و «أفعله غيره».
وأما قوله : (الحمد لله ربّ العلمين (٢) الرّحمن الرّحيم) (٣) [الآيتان ٢ ، ٣] فوصلت هذه الأسماء التي في أوائلها الألف واللام حتى ذهبت الألف في اللفظ. وذلك لأن كل اسم في أوله ألف ولام زائدتان. فالألف تذهب إذا اتصلت بكلام قبلها ، وإذا استأنفتها كانت مفتوحة أبدا لتفرق بينها وبين الألف التي تزاد مع غير اللام ، ولأن هذه الألف واللام هما جميعا حرف واحد ك «قد» و «بل». وإنما تعرف زيادتهما بأن تروم ألفا ولاما أخريين تدخلهما عليهما ، فإن لم تصل إلى ذلك عرفت أنهما زائدتان ألا ترى أن قولك : «الحمد لله» وقولك : «العالمين» وقولك «التي» و «الذي» و «الله» لا تستطيع أن تدخل عليهن ألفا ولاما أخريين؟ فهذا يدل على زيادتهما ، فكلما اتصلتا بما قبلهما ذهبت الألف. إلا أن توصل بألف الاستفهام فتترك مخففة ، ولا يخفف فيها الهمزة الأناس من العرب قليل ، وهو قوله : (ءآلله أذن لكم) [يونس : الآية ٥٩] وقوله : (الله خير اءما يشركون) [النمل : ٥٩] وقوله : (الآن وقد عصيت قبل) [يونس : ٩١]. وإنما مدت في الاستفهام ليفرق بين الاستفهام والخبر. ألا ترى أنك لو قلت وأنت تستفهم : «الرجل قال كذا وكذا» فلم تمددها صارت مثل قولك : «الرجل قال كذا وكذا» إذا أخبرت.
وليس سائر ألفات الوصل هكذا. قال : (أصطفى البنات على البنين) (١٥٣) [الصّافات : الآية ١٥٣] ، وقال : (أفترى على الله كذبا اءم به جنة) [سبأ : ٨]. فهذه