بمنزلة الأسماء التي ليست بمتمكنة ، وذلك أن الأسماء التي ليست بمتمكنة تحرّك أواخرها حركة واحدة لا تزول علتها نحو «حيث» جعلها بعض العرب مضمومة على كل حال ، وبعضهم يقول «حوث» و «حيث» ضم وفتح. ونحو «قبل» و «بعد» جعلتا مضمومتين على كل حال. وقال الله تبارك وتعالى (لله الأمر من قبل ومن بعد) [الرّوم : الآية ٤] فهما مضمومتان إلا أن تضيفهما ، فإذا أضفتهما صرفتهما. قال : (لا يستوى منكم مّن أنفق من قبل الفتح وقتل) [الحديد : الآية ١٠] و (كالّذين من قبلكم) [التّوبة : الآية ٦٩] و (الذين جاءوا من بعدهم) وقال (مّن قبل أن نّبرأها) [الحديد : الآية ٢٢] وذلك أن قوله (أن نّبرأهآ) [الحديد : الآية ٢٢] اسم أضاف إليه (قبل) وقال (من بعد أن نّزغ الشّيطن) [يوسف : الآية ١٠٠]. وذلك أن قوله (أن نّزغ) [يوسف : الآية ١٠٠] اسم هو بمنزلة «النزغ» ، لأن «أن» الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة اسم ، فأضاف إليها «بعد». وهذا في القرآن كثير.
ومن الأسماء التي ليست بمتمكنة قال الله عزوجل (إنّ هؤلاء ضيفى) [الحجر : الآية ٦٨] و (هأنتم أولاء تحبّونهم) [آل عمران : الآية ١١٩] مكسورة على كل حال. فشبهوا «الحمد» وهو اسم متمكن في هذه اللغة بهذه الأسماء التي ليست بمتمكنة ، كما قالوا «يا زيد». وفي كتاب الله (يهمن ابن لى صرحا) [غافر : الآية ٣٦] هو في موضع النصب ، لأن الدعاء كلّه في موضع نصب ، ولكن شبه بالأسماء التي ليست بمتمكنة فترك على لفظ واحد ، يقولون : «ذهب أمس بما فيه» و «لقيته أمس يا فتى» ، فيكسرونه في كل موضع في بعض اللغات. وقد قال بعضهم : «لقيته الأمس الأحدث» فجرّ أيضا وفيه ألف ولام ، وذلك لا يكاد يعرف.
وسمعنا من العرب من يقول : (أفرءيتم الّلت والعزّى) (١٩) [النّجم : الآية ١٩] ، ويقول : «هي اللات قالت ذاك» فجعلها تاء في السكوت ، و «هي اللات فاعلم» جرّ في موضع الرفع والنصب. وقال بعضهم : «من الآن إلى غد» فنصب لأنه اسم غير متمكن. وأما قوله : «اللات فاعلم» فهذه مثل «أمس» وأجود ، لأن الألف واللام التي في «اللات» لا تسقطان وإن كانتا زائدتين. وأما ما سمعنا في «اللات والعزى» في السكت عليها ف «اللاه» لأنها هاء فصارت تاء في الوصل وهي في تلك اللغة مثل «كان من الأمر كيت وكيت». وكذلك «هيهات» في لغة من كسر. إلا أنه يجوز في «هيهات» أن تكون جماعة فتكون التاء التى فيها تاء الجميع التي للتأنيث ، ولا يجوز ذلك في «اللات» ، لأن «اللات» و «كيت» لا يكون مثلهما جماعة ، لأن التاء لا تزاد في الجماعة إلا مع الألف فإن جعلت الألف والتاء زائدتين بقي الاسم على حرف واحد.