إن كانوا عدولا (حيث كانت النسبة بين المفهوم والعموم هي العموم من وجه لأنّ مفهوم الثاني أنّه لا يجب إكرام غير العدول سواء كانوا علماء أو غير علماء ومنطوق الأوّل هو وجوب إكرام العلماء سواء كانوا عدولا أو غير عدول).
فيحتمل أن يقال بإلقاء المفهوم رأسا على تقدير تقديم العموم في مورد التعارض وهو العالم الفاسق على المفهوم القاضي بنفي وجوب إكرام الفاسق مطلقا.
ويحتمل التقييد في المنطوق كأن يقال أكرم الناس الغير العالم إن كانوا عدولا فيستفاد من الكلامين سببيّة كلّ من العلم والعدالة لوجوب الإكرام بل ولعلّه هو المتعيّن لعدم ما يقضي بخلافه في غير مورد التعارض من المفهوم كما عرفت فيما إذا ورد خاصّ في قبال المفهوم العامّ.
ومنه يظهر الوجه لمن أطلق القول بعدم انفعال الماء الجاري ولو لم يكن كرّا مع أنّ مقتضى المفهوم في قوله إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء اعتبار الكرّيّة في الماء الجاري أيضا.
إذ إلقاء المفهوم رأسا ممّا لا شاهد عليه فلا بدّ إمّا من طرح العموم الدالّ على عدم انفعال الماء الجاري في مورد التعارض أو تقييد المنطوق وذلك ظاهر على من تأمّل وهو الهادي (١).
ولا يخفى عليك أنّ محلّ الكلام هو تعارض العامّ مع المفهوم وهو لا يكون إلّا بعد الفراغ عن ثبوت المفهوم ومع الفراغ عنه لا مجال للإطلاق والتقييد في المنطوقين فيما إذا كانت النسبة بين العموم والمفهوم هي العموم من وجه لأنّ التصرّف إمّا يقع في ناحية المفهوم فيقيّد إطلاقه وإمّا في ناحية العموم فيخصّص عمومه فالأمر يدور بين المفهوم والمنطوق لا المنطوقين اللهمّ إلّا أن يقال إنّ التصرّف حيث لا يمكن في المفهوم
__________________
(١) مطارح الانظار : ٢٠٨.