بدون التصرّف في المنطوق لأنّ المفهوم لبّيّ جعل التصرّف بين المنطوقين ثمّ إنّ تقديم أحدهما على الآخر مع كون النسبة عامّين من وجه لا دليل له وعلى فرض التقديم لا يوجب إلقاء المفهوم رأسا بل غايته هو إلقاء إطلاقه في مورد التعارض كما أنّ تقديم المفهوم على العموم لا يوجب إلقاء العموم رأسا بل غايته هو إلقاء عمومه في مورد التعارض.
وحيث لا ترجيح في تقديم أحدهما على الآخر لكون النسبة بينهما هي العموم من وجه فمقتضى القاعدة هو التساقط في مورد التعارض كما أنّه مقتضى القاعدة في المنطوقين إذ لا مرجّح لأحدهما على الآخر وعليه فلا وجه لجعل الشيخ قدسسره العامّ مقدّما على المفهوم.
وممّا ذكر يظهر أنّ ما في الدرر من أنّه إن كان بينهما عموم من وجه كالدليل الدالّ على عدم انفعال الماء الجاري مطلقا وما دلّ على توقّف عدم الانفعال ، على الكرّيّة فالحقّ رفع اليد عن المفهوم لأنّ العامّ المذكور يعارض حصر الشرط لا أصل الاشتراط لعدم المنافاة بين كون الكرّيّة شرطا وكون الجريان شرطا آخر وقد عرفت أنّ دلالة القضيّة الشرطيّة على حصر العلّة على فرض الثبوت ليست بدلالة قويّة.
وحينئذ فهل يرفع اليد عن المفهوم مطلقا بحيث لو احتملنا سببا ثالثا لعدم الانفعال لا تكون القضيّة الشرطيّة دالّة على نفيه أو يرفع اليد في خصوص ما ورد الدليل وجهان (١).
لا يخلو عن المناقشة والنظر لأنّ الكلام بعد الفراغ عن ثبوت المفهوم وانعقاد الظهور ومن المعلوم أنّ بعد انعقاد الظهور ووجود المفهوم يتحقّق المنافاة بين كون الكرّيّة شرطا وكون الجريان شرطا آخر وبعد وجود المنافاة بينهما وكون النسبة بينهما هي العموم من وجه فلا وجه لرفع اليد عن المفهوم مطلقا بل مقتضى القاعدة هو رفع
__________________
(١) الدرر : ١ / ٢٢٨.