المتكلّم المطلق لكان عليه نصب القرينة المانعة عن كون المتيقّن تمام موضوع حكمه ، وإلّا لأخلّ بغرضه.
ويمكن أن يقال ، إنّ المتكلّم لو أراد القدر المتيقّن لأشار إليه بنحو من الأنحاء ولم يأخذ موضوعا آخر أعمّ لكلامه ، فإذا لم يشر إليه وأخذ موضوعا آخر أعمّ ولم يقيّده بقيد كان ذلك موجبا للحكم بالإطلاق والقدر المتيقّن في مقام التخاطب يوجب العلم بثبوت الحكم في مورده ، ولكن لا يثبت خصوصيّة المورد ، فمع عدم دلالة القدر المتيقّن على ذلك لا وجه لرفع اليد عن إطلاق المتعلّق المأخوذ في الحكم. ولعلّه لذلك بنى العقلاء على عدم الاعتناء بخصوصيّة الأسئلة عند كون الأجوبة مطلقة ، وقالوا العبرة بإطلاق الوارد لا بخصوصيّة المورد.
نعم لو كان القدر المتيقّن موجبا للانصراف فلا كلام في كونه موجبا لتقيّد الموضوع وكان مندرجا في المقدّمة الثانية.
فتحصّل أنّ المقدّمات ثنائيّة لا ثلاثيّة ، بل المقدّمات منحصرة في المقدّمة الاولى بعد ما عرفت من أنّ المقدّمة الثانية من المحقّقات لا المقدّمات ، وعليه فليس للإطلاق إلّا مقدّمة واحدة وهي المقدّمة الاولى.
ثمّ إنّ المراد من المقدّمة الاولى هو أن يكون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد من الجهة التي في صدد بيانها ، وعليه فلا يضرّ بذلك عدم كونه كذلك بالنسبة إلى سائر الجهات ، ولذا نقول بحلّيّة أكل صيد الكلاب باطلاق قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ولو لم يقع التذكية والذبح الشرعي عند عدم المجال لمراعاتها ولكن لا نقول بطهارة موضع ملاقاة الكلب للصيد لأنّ الآية الكريمة ليست في صدد بيان الطهارة.
بقي شيء
واعلم أنّ صاحب الكفاية ذهب إلى أنّه إذا شكّ في كون المتكلّم في مقام بيان