الإطلاق في البواقي هو جواز الإتيان بأيّ حصّة من حصص الطبيعة المأمور بها ولا حكاية لها عن خصوصيّات الأفراد.
والمنع عن حكاية البواقي عن الحصص أيضا بدعوى أنّ نفس الطبيعة تخالف الوجود والتشخّص وسائر عوارضها خارجا أو ذهنا ولا يمكن كاشفيّة الشيء عمّا يخالفه غير سديد ، لأنّه خلط بين الأحكام الفلسفيّة والأحكام العرفيّة ، لأنّ العرف لا يفكّك بين الطبيعة والوجود ، ولذا حكم بوجود طبيعة الإنسان في الخارج مع أنّ الموجود هو الوجود لا الطبيعة بالنظر العقليّ الدقيق ، فمع عدم التفكيك العرفي فلا وجه لإنكار حكاية المعانيّ المذكورة عن حصصها الوجوديّة ، فلا تغفل.
التنبيه الثاني : أنّ انعقاد الظهور في المطلق لا يكون منوطا بعدم وجود القيد في الواقع وإلّا لاختلّ أمر المطلقات باحتمال تقييدها في الواقع وهو معلوم البطلان ، ولذا كان بناء العقلاء على تماميّة الإطلاق بعد الفحص وعدم الظفر بالقيود وليس ذلك إلّا لعدم مانعيّة القيد في الواقع عن انعقاد ظهور المطلق في الإطلاق. وعليه فإذا ورد بعد مرحلة البيان شيء من القيود كان معارضا مع الظهور المنعقد في المطلق ولا يرتفع ظهور المطلق بعد انعقاده لوصول القيد بعد وقت البيان ودعوى تعليق انعقاد الظهور بعدم البيان ولو للتالي تنافي بناء العقلاء على تقديم القيد من باب كونه أقوى الحجّتين.
إذ لو كان انعقاد الظهور معلّقا على عدم ورود القيد لكان القيد مقدّما على المطلق ولو كان أضعف ظهورا من المطلق.
التنبيه الثالث : أنّ للانصراف مراتب متعدّدة ، متفاوتة شدّة وضعفا حسب اختلاف مراتب الانس الناشي من كثرة الاستعمال أو غيرها ولا بدّ من الإشارة إلى معتبرها :
منها هو الانصراف البدويّ ، وهو الذي يزول بأدنى تأمّل ، كانصراف الماء إلى ماء خاصّ كماء الفرات في بعض البلاد.