وهذا لا يمنع عن الأخذ بالإطلاق لتماميّة الإطلاق وعدم وجود المانع.
ومنها الانصراف الموجب للانس اللفظي بمثابة يكون كالتقييد اللفظي ومن المعلوم أنّه يمنع عن الاطلاق كانصراف الحيوان عن الإنسان مع أنّ الإنسان من أنواع الحيوان وهذا الانصراف قد يحصل بكثرة الاستعمال والتكرار ، وقد يحصل بمناسبة الحكم والموضوع ولو لم يكن تكرار مثلا قال الإمام الصادق عليهالسلام لزرارة ومحمد بن مسلم ، اللبن واللباء والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل ، شيء ينفصل من الشاة والدابّة ذكيّ ، وإن أخذته منه بعد أن يموت ، فاغسله وصلّ فيه» فقوله فاغسله منصرف إلى غير اللبن واللباء بمناسبة الحكم والموضوع.
ومنها الانصراف الحاصل من الغلبة الخارجيّة وهو ليس بمعتبر ما لم توجب الانس اللفظي لأنّه ليس إلّا الظنّ وهو ليس بحجّة. هذا بخلاف ما إذا أوجب الانس اللفظي فإنّه من الظهورات ، وهي حجّة عند العقلاء.
ثم إنّ الانصراف تارة يكون على الإطلاق من دون اختصاصه بحال دون حال ، واخرى يكون مخصوصا بحال ، كحال الاضطرار دون حال ، كحال الاختيار.
مثلا وضع اليد في التيمّم على الأرض ينصرف منه في حال الاختيار الوضع بباطن الكفّ لا بظاهرها وفي حال الاضطرار وعدم التمكّن من وضع باطن الكفّ ينصرف منه وضع ظاهر الكف وهكذا فلا يتقيّد المطلق بالانصراف إلّا فيما إذا تحقّق الانصراف ويكون موجبا للظهور اللفظيّ.
التنبيه الرابع : أنّ مقدّمات الحكمة يختلف مقتضاها بحسب اختلاف المتعلّقات والمقامات ، فإذا كان مجرى المقدّمات هو النكرة تفيد العموم البدلي وإذا كان هو الجنس كقوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) تفيد العموم الاستيعابي وإذا كان هو صيغة الأمر تفيد التعيّنيّة والعينيّة والنفسيّة عند الشكّ فيها ، فإنّ إرادة غيرها من التخييريّة والكفائيّة والغيريّة تحتاج إلى عناية زائدة كما قرّر في محلّه.