التنبيه الخامس : أنّه يختلف امتثال الطبيعة في الأوامر والنواهي ، إذ الأمر يمتثل بإيجاد فرد ما بمقتضى الإطلاق وعدم دخالة فرد خاصّ يحرز بمقدّمات الحكمة نعم ربّما يستفاد من بعض الأوامر بمناسبة الحكم والموضوع ، أنّ الحكم لا ينفكّ عن وجود الطبيعة مثل قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) أو قولهم «أكرم العالم» ، ففي هذه الموارد يتعدّد الحكم بتعدّد الموارد ولا يكفي إتيان فرد واحد لامتثال غيره.
ثمّ إنّ النهي عن وجود الطبيعة لا يمتثل إلّا بترك جميع الأفراد عقلا ، ولا حاجة في هذه الصورة إلى مقدّمات الحكمة ، لأنّ الطبيعة في سياق النفي أو النهي خرجت عن الإطلاق ودخلت في العموم ، بل النكرة إذا وقعت في سياق النفي أو النهي كالطبيعة تفيد العموم.
التنبيه السادس : أنّ الإطلاق أفراديّ وأحواليّ وأزمانيّ ، ويجتمع الإطلاق من هذه الجهات إذا اخذت الطبيعة في متعلّق الأمر من دون تقييدها بفرد أو بحال أو زمان كقولهم أكرم العالم فإنّ مقتضاه هو وجوب إكرام كلّ فرد من العالم في أيّ حال كان ، وفي أيّ زمان من الأزمنة.
والتقييد يمكن أن يكون أفراديّا ويتبعه الحال والزمان ، إذ الفرد إذا خرج عن تحت الإطلاق خرج حاله وزمانه بالتبع أيضا.
ويمكن أن يكون التقييد باعتبار حال من أحواله أو زمان من أزمانه ، فيقتصر في التقييد في خصوص الحال أو الزمان الخارج فبعد زوال الحال أو الزمان الخاصّ يؤخذ بالإطلاق ، لأنّ المطلق متعرّض لجميع الأحوال والأزمنة والمفروض أنّه لم يخرج عنه إلّا حال أو زمان خاصّ.
التنبيه السابع : أنّه لا يختصّ التقييد بالمعاني الاسميّة والأفراديّة بالوجدان ، إذ يجوز تقييد المعاني الحرفيّة.
والجمل والمعاني التركيبيّة أيضا ، ولذا تكون الجمل الجزائيّة مقيّدة ومنوطة