ولعلّ إليه يؤول ما أفاده الشيخ الأعظم قدسسره حيث قال : ثم ما كان منه أي القطع طريقا لا يفرق فيه بين خصوصيّاته من حيث القاطع والمقطوع به وأسباب القطع وأزمانه إذ المفروض كونه طريقا إلى متعلّقه ، فيترتّب عليه أحكام متعلّقه (١).
وقال أيضا : قد عرفت أنّ القاطع لا يحتاج في العمل بقطعه إلى أزيد من الأدلّة المثبتة لأحكام مقطوعه ، فيجعل ذلك كبرى لصغرى قطع بها ، فيقطع بالنتيجة ، فإذا قطع بكون شيء خمرا وقام الدليل على كون حكم الخمر في نفسها هي الحرمة ، فيقطع بحرمة ذلك الشىء (٢).
فلا يتوقّف حجّيّة القطع على جعل شرعيّ أو عقلائي ، بل العقل يدلّ على تأثير القطع في ترتّب استحقاق العقوبة على مخالفة المولى كما لا يخفى.
وأمّا ما قيل من أنّ الأثر العقليّ للقطع وهو المنجّزيّة لا أساس له ؛ لأنّ العقاب الثابت بعنوان التأديب كالعقاب الدنيوي لا يحكم العقل بثبوته في الآخرة لأنّه لغو محض ، والثابت بعنوان آخر من الالتزام بتجسّم الأعمال أو تكميل النفس أو مصلحة نوعيّة للعالم الاخروي لا دخل لحكم العقل فيه ، بل هو يدور سعة وضيقا وتحديدا لموضوعه مدار الدليل النقلي. وعليه فيبطل القول بالالتزام بحكم العقل باستحقاق العقاب ومنجّزيّة القطع خصوصا لمن يلتزم بأنّ استحقاق العقاب من باب تطابق آراء العقلاء حفظا للنظام (٣).
فضعفه ظاهر ، لأنّ القطع بالعقاب الاخرويّ له فائدة واضحة في الدنيا ؛ إذ بعد القطع بوقوعه ينزجر الإنسان في كثير من الأحيان عن ارتكاب المخالفة ويؤدّب في حياته الدنيويّة ، وهذا كاف في الفائدة وعدم اللغويّة. ولا يلزم في تأثير القطع في
__________________
(١) فرائد الاصول : ٣. ط ـ قديم.
(٢) فرائد الاصول : ٤. ط ـ قديم.
(٣) منتقى الاصول ٤ : ٢٧ ـ ٢٩.