الطريق إليه ، لا بسبب القطع بالخلاف. (١)
ويمكن أن يقال : إنّ الجهل بالواقع في صورة عدم إصابة القطع للواقع متّحد مع القطع ، ولذا يكون القطع المذكور جهلا مركّبا ، ومع الاتّحاد لا مانع من استناد المعذّريّة إلى القطع كما تستند المنجّزيّة إليه فتدبّر جيّدا.
وثانيها : ما ذهب إليه المحقّق الأصفهاني قدسسره من أنّ استحقاق العقاب ليس من الآثار القهريّة واللوازم الذاتيّة لمخالفة التكليف المعلوم قطعا ، بل من اللوازم الجعليّة من العقلاء لما سيأتي عمّا قريب إن شاء الله تعالى أنّ حكم العقل باستحقاق العقاب ليس ممّا اقتضاه البرهان ، وقضيّته غير داخلة في القضايا الضروريّة البرهانيّة ، بل داخلة في القضايا المشهورة التي تطابقت عليها آراء العقلاء لعموم مصالحها ، ومخالفة أمر المولى هتك لحرمته وهو ظلم عليه والظلم قبيح أي ممّا يوجب الذمّ والعقاب عند العقلاء ، فدخل القطع في استحقاق العقوبة على المخالفة الداخلة تحت عنوان الظلم بنحو الشرطيّة جعلي عقلائيّ لا ذاتيّ قهريّ كسائر الأسباب الواقعيّة والآثار القهريّة ... إلى أن قال : وحيث عرفت أنّ الحجّيّة بمعنى المنجّزيّة من اللوازم الجعليّة العقلائية فبناء على أنّ جعل العقاب من الشارع يصحّ القول بجعل المنجّزيّة للقطع شرعا من دون لزوم محذور. (٢)
ويمكن أن يقال : إنّ المشهورات بالمعنى الأخصّ هي القضايا التي لا عمدة لها في التصديق إلّا الشهرة وعموم الاعتراف بها ، فلا واقع لها وراء تطابق الآراء عليها بحيث لو خلّي الإنسان وعقله المجرّد لا يحصل له حكم بهذه القضايا كاستهجان إيذاء الحيوان لا لغرض. وهذا ممّا لا يمكن المساعدة عليه في مثل المقام ؛ لأنّ استحقاق
__________________
(١) معتمد الاصول : ٣٧٣.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ٥.