غريزيّ فتدبّر.
الجهة الثالثة : أنّه هل يجوز للشارع أن ينهى عن العمل بالقطع أو لا؟
قال الشيخ الأعظم ، لا يجوز ذلك ، لاستلزامه التناقض ، إذ بمجرّد القطع بكون مائع بولا يحصل له صغرى وكبرى أعني قوله هذا بول وكلّ بول يجب الاجتناب عنه ، فهذا يجب الاجتناب عنه ، وعليه فحكم الشارع بأنّه لا يجب الاجتناب عن المقطوع يوجب التناقض إلّا إذا قلنا بأنّ النجاسة وحرمة الاجتناب من أحكام ما علم بوليّته من وجه خاصّ.
قال المحقّق الخراساني ، إنّ المنع عن تأثير القطع ينافي كون التنجيز ذاتيّا. هذا مضافا إلى أنّه يلزم منه اجتماع الضدّين اعتقادا مطلقا اي أصاب أو لم يصب ، وحقيقة في صورة الإصابة.
اورد عليه سيّدنا الإمام قدسسره بأنّ وجه الامتناع ليس لزوم اجتماع الضدّين ، لأنّ الضدّين ، أمران وجوديّان ، والوجوب والحرمة وغيرهما من الامور الاعتباريّة ، بل وجه الامتناع هو لزوم اجتماع الإرادتين المختلفتين على مراد واحد ، والإرادتان ، أمران وجوديّان واقعيّان. هذا مضافا إلى لغويّة الحكم الأوّل لو نهى عن العمل بالقطع.
وكيف ما كان فقد خالفهم صاحب الوقاية بدعوى أنّ التناقض لا يلزم على نحو الكلّيّة ، إذ لا يكون كلّ قطع مصيبا للواقع ، وعليه فلا يصحّ الحكم على كلّيّ القطع بعدم جواز الردع عنه من هذه الجهة.
هذا مضافا إلى أنّ التناقض لا يلزم إلّا إذا تعلّق الردع عمّا قطع عليه ، وأمّا إذا كان مفادّ الأمارة المعذوريّة أو رفع تنجّز الحرمة فلا تناقض أصلا. وقد وقع ذلك في ترخيص الشارع في ارتكاب مشكوك الحرمة ، بل ومظنونها في موارد البراءة والبيّنة القائمة على حلّيّة مظنون الحرمة إذ الترخيص لا يختصّ بصورة عدم المصادفة مع الحرام ، بل مشكوك الحرمة حلال مطلق إذا كان مورد البراءة ومفاد الأمارة ،