فالتناقض المدّعى وجوده ، موجود فيها ، إذ من المعلوم وجود محرّمات كثيرة ، ونجاسات واقعيّة بين هذه المشكوكات.
فالإشكال مشترك ، وطريق الحلّ واحد ، وهو أنّ متعلّق القطع والظّنّ هو الحرمة الواقعيّة ، والردع لا يكون عنها أبدا ، بل الإذن يكون مؤمنا من عقابها ، أو رافعا لتنجّزها ، والتنجّز أو العقاب لم يتعلّق به القطع أبدا.
ودعوى أنّ مرتبة الحكم الظاهري محفوظة مع الظّن والشكّ ، لوجود الساتر على الواقع ، فيكون بما هو مجهول الحكم حلالا ، بخلاف القطع الذي هو عين الانكشاف ، من دون ستر وحجاب الذي لا يدع مجالا للإذن ، ولا لموضوع حكم آخر.
مندفعة بأنّه لا ينحصر جعل الحكم الظاهري في وجود الساتر ، بل ليس الوجه في إمكان أخذ الجهل موضوعا إلّا تأخّر مرتبة هذا الحكم عن الواقع بسببه ، وهذا موجود مع القطع أيضا فكما أنّ الشيء بعنوان أنّه مجهول الحكم متأخّر عنه ، فكذلك متأخّر بعنوان أنّه مقطوع الحكم.
ويمكن أن يقال أوّلا : إنّ الترخيص في ارتكاب فعل مقطوع الحرمة ترخيص في المخالفة بنظر القاطع. إذ الإتيان بالفعل مع القطع بالحرمة علّة تامّة ، لتحقّق عنوان المخالفة ، وهي قبيحة بحكم العقل ، والإذن فيها يخالف القبح العقلي ، ودعوى إمكان رفع التنجّز كما في مورد الظنّ والاحتمال لا يساعد مع كون التنجّز ذاتيّا لوجود القطع وعليه فلا يفيد تأخّر مرتبة الترخيص عن مرتبة الحكم الواقعي في رفع المحذور ، فإنّ القطع بالحكم علّة تامّة لحكم العقل باستحقاق المذمّة والعقوبة لمخالفة التكليف ، ومع هذا الحكم الواضح العقلي لا يقبل الشيء بعنوان مقطوع الحكم ما يخالف الحكم المتعلّق بنفس الشيء المنكشف بالقطع.
وثانيا : أنّ النهي عن العمل بالقطع يستلزم التناقض في مرحلة ثبوت الغرض