الفعليّة من قبل المولى ، إذ مرتبة التنجّز ليست من مراتب الحكم حيث إنّ علم المكلّف وجهله بالحكم لا يوجب تغييرا في ناحية الحكم الفعليّ من قبل المولى. وهكذا مرتبة الاقتضاء ليست من مراتب الحكم ، لأنّه ليس فيها ثبوت حكم أصلا.
الجهة الرابعة : في التجرّي ، واعلم أنّه لا إشكال في أنّ القطع عند الإصابة يوجب التنجيز واستحقاق العقوبة على المخالفة.
وإنّما الكلام في أنّ القطع عند عدم الإصابة والتجرّي ، هل يوجب استحقاق العقوبة على المخالفة أو لا؟
ويقع الكلام في أمور :
الأمر الأوّل : أنهم استدلّوا على أنّ التجرّي يوجب استحقاق العقوبة بوجوه ، منها الاتّفاق والإجماع ، اجيب عنه بأنّ الإجماع المحصّل غير حاصل ، والمنقول ليس بحجّة ، هذا مضافا إلى أنّ المسألة عقليّة ، والإجماع فيها لا يكشف عن رأي المعصوم عليهالسلام.
ومنها حكم العقل بتقريب أنّ العقاب على المعصية الواقعيّة ليس إلّا لكونه هتكا لحرمة المولى وجرأة عليه وهذا الملاك موجود في التجرّي ، ومقتضاه هو استحقاق المتجرّي للعقوبة. لا يقال إنّ العقاب على المعصية يكون لأجل ذات المخالفة مع الأمر والنهي ، أو لأجل تفويت الغرض ، أو لأجل ارتكاب المبغوض للمولى ، لأنّا نقول ليس كذلك لوجود الكلّ في صورة الجهل. ومع ذلك لا يحكم فيه باستحقاق العقوبة.
فالتجرّي مشترك مع المعصية الواقعية في المناط الذي يحكم العقل لأجله باستحقاق العقوبة وهو الإقدام على المعصية وعدم المبالات بنهي المولى وهتك حرمته ، ومقتضاه هو استحقاق العقوبة بالتجرّي كما يستحقّها بارتكاب المعصية الواقعيّة.