ودعوى أنّ استحقاق المذمّة على ما كشف عنه الفعل من سوء السريرة لا يوجب استحقاقها على نفس الفعل ، ومن المعلوم أنّ الحكم العقلي باستحقاق الذمّ ، إنّما يلازم استحقاق العقاب شرعا إذا تعلّق بالفعل ، لا بالفاعل.
مندفعة بما عرفت من حكم العقل باستحقاق العقوبة ، بمجرّد القطع بالتكليف ، والإقدام على المخالفة ، من دون فرق بين الموافقة للواقع عدمها ، وذلك لأنّ الفعل المتجرّى به مضافا إلى أنّه كاشف عن سوء السريرة يكون مصداقا للهتك والإهانة بالنسبة إلى المولى وهذا بنفسه ظلم وهو تمام الموضوع لاستحقاق العقوبة.
الأمر الثاني : في أنّ الاستحقاق المذكور هل يكون على الفعل المتجرّى به أو خصوص العزم ، والمختار هو الأوّل.
والوجه فيه ، أنّه مصداق للهتك والإهانة للمولى ، والهتك قبيح ومحكوم بالحرمة ولا ينافيه عدم اتّصاف الفعل في نفسه بشيء من موجبات القبح ، إذ صيرورة الفعل مصداقا للهتك يكفي في كونه موجبا لاستحقاق العقوبة وإن لم يتغيّر وجهه في نفسه ، وحيث إنّ موضوع القبح والحرمة مع موضوع الحكم النفسي للفعل مختلف فلا منافاة ولا تضادّ بين كون الفعل محكوما بالجواز في نفسه ، وبين كونه محكوما بالحرمة باعتبار كونه مصداقا للهتك والإهانة بالنسبة إلى المولى.
وإنّما المنافاة فيما إذا ادّعى القبح بحسب ذات الفعل وهو خلاف المفروض ، ودعوى أنّ اتّحاد الفعل المتجرّى به مع عنوان الهتك والإهانة ليس دائميّا ، لأنّ من أقدم على مقطوع الحرمة من جهة شقوة نفسه لا من جهة الاستخفاف بالمولى ، لا يكون إقدامه هتكا للمولى.
مندفعة بأنّ الهتك يصدق مع القطع بكونه معصية للمولى ، ولو لم يقصد الهتك لكفاية مخالفته ، مع القطع المذكور في صدق الهتك والإهانة.
لا يقال ، إنّ الجرأة على المولى ، تكون من الصفات النفسانيّة والأحوال العارضة