على النفس ، والفعل المتجرّى به يكشف عن تحقّقها في النفس ، ولا يكون هو بنفسه مصداقا لها ، والقبيح هو الجرأة ولا وجه لسراية القبح منها إلى الفعل.
لأنّا نقول أوّلا : إنّه منقوض بمثل التعظيم ونحوه ، فكما أنّ نفس الفعل المأتيّ به للتعظيم محكوم بالحسن والوجوب ، فكذلك نفس الفعل المتجرّى به محكوم بالقبح والحرمة.
وثانيا : إنّ لازم ذلك هو عدم القول بحرمة الهتك مطلقا ، لأنّ كلّ هتك يحكي عن الجرأة على المولى ، وهي محكومة بالحرمة لا نفس الفعل وهو كما ترى ، وبالجملة كشف الهتك عن سوء السريرة والجرأة والطغيان لا ينافي صدق الإهانة على الفعل المتجرّى به وكفاية ذلك في الحكم بالقبح أو الحرمة.
فتحصّل أنّ الفعل المتجرّى به ، أو العزم المتعقّب بالفعل ، مصداق للهتك والإهانة ، وبهذا الاعتبار يندرج الفعل المتجرّى به تحت عنوان الظلم ، وحكم العقل باستحقاق العقوبة عليه.
الأمر الثالث : في ملازمة حكم العقل مع حكم الشرع وعدمها في الاستحقاق المذكور.
ربّما يستدلّ على ذلك في المقام بقاعدة الملازمة بين الحكم العقليّ والحكم الشرعيّ ، أعني كلّما حكم به العقل حكم به الشرع.
اورد عليه في مصباح الاصول بأنّ القاعدة المذكورة مسلّمة إن كان المراد بها ، إدراك العقل في ناحية سلسلة علل الأحكام الشرعيّة من المصالح والمفاسد ، إذ العقل لو أدرك مصلحة ملزمة في عمل من الأعمال وأدرك عدم وجود مزاحم لتلك المصلحة فلا محالة علم بوجوبه الشرعي بعد كون مذهب أهل العدل ، أنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للمصالح والمفاسد.
وهكذا لو أدرك مفسدة ملزمة بلا مزاحم علم بالحرمة الشرعيّة لا محالة ، فهذه