فقد استثنى ـ سبحانه ـ الغاوين ـ وهم اكثر العباد ـ بقوله ـ تعالى ـ : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ ـ وَلَوْ حَرَصْتَ ـ بِمُؤْمِنِينَ) ؛ (١) وغير المؤمن غاو. واذا ثبت جواز استثناء الاكثر ، ثبت جواز استثناء المساوي ؛ بطريق اولى.
واعلم : انّ المشهور ـ في الاستدلال على هذا المطلب ـ ضمّ آية (فَبِعِزَّتِكَ! لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ؛ إِلَّا ، عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)(٢) ، الى الآية الاولى ؛ لاستثناء الغاوين من المخلصين ؛ وبالعكس. فان تساويا ، ثبت المساوي ؛ والّا ، ثبت الاكثر.
ولا يخفى : انّ هذا الاستدلال انّما لم يتمّ ، لو لم يكن بين الغاوين والمخلصين واسطة.
والحقّ : انّ في الآية الاولى : استثناء الغاوين من العباد ؛ وهو اعمّ من المخلصين. وفي الثانية : استثناء المخلصين عمّا هو اعمّ من الغاوين وغيرهم.
وما يقال من : انّ غير الغاوين مخلصون ، محلّ كلام ؛ فلا حاجة الى جعل «من» في الآية ، بيانيّة ـ ظنّه «العضديّ» (٣) ـ فتدبّر!
واتّفاق الفقهاء على الواحد بعد : «العشرة : ولو كان مثل هذا الاستثناء لغو ، الزمه عشرة.
الّا تسعة» : وهنا مذهب رابع ؛ نسبه «العلّامة» في «النهاية» (٤) الى «ابن درستويه» (٥) ؛ وهو : منع ما فوق النصف.
__________________
(١) يوسف / ١٠٣.
(٢) ص / ٨٣ ـ ٨٢.
(٣) شرح مختصر المنتهى ١ / ٢٦٠.
(٤) نهاية الوصول الى علم الاصول / الورقة ٩٢ / الف.
(٥) عبد الله بن جعفر بن درستويه. ولد سنة ٢٥٨ وتوفّي سنة ٣٤٧ من الهجرة. له تصانيف كثيرة ؛ منها : تصحيح الفصيح ، الارشاد ، اخبار النحويّين.