فإنّه يقال : نعم ، لكنّه ممّا لا يعرض السنّة ، بل الخبر الحاكي لها ، فإنّ الثبوت التعبدي يرجع إلى وجوب العمل على طبق الخبر كالسنّة المحكية به ، وهذا من عوارضه لا عوارضها ، كما لا يخفى.
وبالجملة : الثبوت الواقعي ليس من العوارض ، والتعبدي وإن كان منها ، إلّا أنّه ليس للسنّة ، بل للخبر ، فتأمّل جيّدا.
______________________________________________________
نعم ، لا ينبغي التأمّل في أنّ البحث عن البراءة العقلية أو الاحتياط العقلي في الشبهة الحكمية بحث عن ثبوت الموضوع وهو حكم العقل.
وأمّا ما ذكره قدسسره من أمر الثبوت التعبدي ، فهو عارض للسنّة أيضا فإنّ الثبوت التعبدي عند الماتن قدسسره ليس إيجاب العمل بالخبر على ما ذكره في بحث اعتبار الخبر وغيره ، بل معناه تنزيل قول المخبر منزلة الواقع ، يعني قول المعصوم وفعله وتقريره (١) ، وهذا التنزيل سنخ من الحكم يضاف إلى المنزل (أي خبر العدل) ، وإلى المنزّل عليه (أي السنّة) ، وكما يمكن البحث في مسألة اعتبار الخبر أن يقع في أنّ قول المخبر العدل هل نزّل منزلة السنّة؟ فيكون البحث من عوارض الخبر الحاكي لها ، كذلك يمكن أن يقع البحث في أنّ السنة هل نزل عليها خبر العدل؟ فيكون البحث من عوارض السنّة.
نعم المعيار في كون المسألة من مسائل العلم ، هو عنوانها المذكور في مسائله لا ما هو لازم ذلك العنوان ، وإلّا كانت المسألة الأصولية فقهية ، والمسألة الفقهية كلامية ، فإنّ مرجع البحث عن ثبوت الملازمة بين الإيجابين إلى وجوب الوضوء ونحوه عند وجوب الصلاة ، ومرجع البحث عن تعلّق التكليف الإلزامي بفعل إلى
__________________
(١) الكفاية : ص ٢٧٩.