وهم ودفع :
لعلّك تتوهم أنّ الأخبار الدالّة على أن للقرآن بطونا ـ سبعة أو سبعين ـ تدلّ على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد [١] ، فضلا عن جوازه ، ولكنك
______________________________________________________
[١] ربّما يختلج بالبال أنّ الأخبار (١) الواردة في ثبوت البطون للقرآن يمكن أن يستظهر منها وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ووجه الاستظهار ظهور تلك الأخبار في إرادة كلّ من البطون السبعة أو السبعين من القرآن بارادة مستقلّة ولو لم يجز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد لم يكن يراد من الآية الواحدة إلّا معنى واحدا ولم تكن سائر المعاني المعبّر عنها بالبطن والبطون داخلة في مدلولها لتكون بطنا لها ، والوجه في التعبير عنها بالبطن والبطون خفاء تلك المعاني عن غير أوليائه الذين نزل الكتاب في بيوتهم ، وأمر الناس بولايتهم ، وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وأجاب الماتن قدسسره عن ذلك بوجهين :
الأوّل : أنّه لا دلالة في تلك الأخبار على إرادة تلك المعاني المعبّر عنها بالبطون بنحو إرادة المعنى من اللفظ عند استعماله فيه ، بل لعلّ تلك المعاني كانت مرادة بأنفسها عند استعمال الآية في معناها الظاهر فيها ، وبتعبير آخر لم يستعمل كلمات الآية في تلك المعاني استعمال اللفظ في المعنى ، بل كانت تلك المعاني منظورة من الآية ومرادة منها بلا استعمال اللفظ فيها.
أقول وفيه : أنّ إرادة أمر بنفسه عند استعمال لفظ في معنى لا يوجب كون الأوّل بطنا للثاني ، مثلا إذا قال والد في مقام وعده أحد أولاده : أعطيك غدا دينارا ،
__________________
(١) البحار : ٩٢ / ٧٨ ، الباب ٨ من كتاب القرآن.