غفلت عن أنّه لا دلالة لها أصلا على أن إرادتها كان من باب إرادة المعنى من اللفظ ، فلعلّه كان بإرادتها في أنفسها حال الاستعمال في المعنى ، لا من اللفظ ، كما إذا استعمل فيها ، أو كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ ، وإن كان أفهامنا قاصرة عن إدراكها.
______________________________________________________
وكان من قصده اتفاقا إعطاء الدينار لسائر أولاده أيضا ، فلا يكون إعطائه لهم بطنا لكلامه.
الثاني : أنّ المراد بالبطون لوازم معاني القرآن وأنّ اللفظ يستعمل في معنى يعبّر عنه بالمعنى الظاهر ، إلّا أنّ لإرادة ذلك المعنى من اللفظ أو لنفس ذلك المعنى لوازم ، لخفائها وقصور أذهاننا عن الوصول إليها أطلق عليها البواطن ، ومن البديهي أنّ الدلالة على اللازم أجنبيّ عن استعمال اللفظ في أكثر من معنى بحيث يكون كلّ معنى مرادا مستقلّا من اللفظ.
وقد يستدلّ لهذا الوجه الثاني بروايات متواترة إجمالا ، منها ما عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «يا خيثمة القرآن نزل أثلاثا ... ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثمّ مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء ، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السموات والأرض» الحديث (١).
أقول : لا دلالة لهذه الطائفة من الأخبار على أنّ بطن القرآن يكون من قبيل لازم المعنى أو من قبيل الملزوم له ، بل يحتمل أن يكون المراد بالبطن أنّ المذكور في الآية وإن كان من قبيل حكاية واقعة خاصّة ماضية أو حاضرة أو بيان حكم لواقعة إلّا أنّ واقع الآية قضيّة سارية كليّة.
__________________
(١) البحار : ٩٢ / ١١٥ ، الباب ١٢ من كتاب القرآن ، الحديث ٤.